للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيه نقص العقل والدّين كشغله عن طلب أمور الدّين وحمله على التّهالك على طلب الدّنيا، وذلك أشدّ الفساد) * «١» .

٢٥-* (قال ابن حجر: فإن وقعت الفتنة ترجّحت العزلة لما ينشأ فيها غالبا من الوقوع في المحذور وقد تقع العقوبة بأصحاب الفتنة، فتعمّ من ليس من أهلها كما قال الله تعالى وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً) * «٢» .

٢٦-* (قال ابن حجر: في المرد من يفوق النساء بحسنه فالفتنة به أعظم، ولأنّه يمكن في حقّه من الشّرّ ما لا يمكن في حقّ النّساء ويسهل في حقّه من طرق الرّيبة والشّرّ، ما لا يسهل في حقّ المرأة فهو بالتّحريم أولى) * «٣» .

٢٧-* (قال ابن حجر في حديث: «كان المؤمنون يفرّ أحدهم بدينه..» : أشارت عائشة إلى بيان مشروعيّة الهجرة، وأنّ سببها خوف الفتنة، والحكم يدور مع علّته، فمقتضاه أنّ من قدر على عبادة الله في أيّ موضع اتّفق لم تجب عليه الهجرة منه وإلّا وجبت، ومن ثمّ قال الماورديّ: إذا قدر على إظهار الدّين في بلد من بلاد الكفر، فقد صارت البلد به دار إسلام، فالإقامة فيها أفضل من الرّحلة منها لما يترجّى من دخول غيره في الإسلام) * «٤» .

٢٨-* (وقال ابن حجر- رحمه الله تعالى- في قوله صلّى الله عليه وسلّم: «ستكون فتن، القائم فيها خير من القاعد..

إلى قوله فمن وجد ملجأ أو معاذا فليعذ به» «٥» في الحديث التّحذير من الفتنة والحثّ على اجتناب الدّخول فيها وأنّ شرّها يكون بحسب التّعلّق بها، وقد اختلف السّلف في ذلك فحمله بعضهم على العموم وهم من قعد عن الدّخول في القتال بين المسلمين كابن عمر- رضي الله عنهما- ومن كان على شاكلته وقد لزمت منهم طائفة البيوت وارتحلت طائفة عن بلد الفتنة «٦» ، ورأي جمهور الفقهاء أنّه إذا بغت طائفة على الإمام وجب قتالها، وكذلك لو تحاربت طائفتان من المؤمنين وجب على كلّ قادر الأخذ على يد المخطىء ونصر المصيب ذلك أنّ إنكار المنكر «٧» واجب على كلّ من قدر عليه، فمن أعان المحقّ أصاب، ومن أعان المخطىء أخطأ، وإن أشكل الأمر (بحيث لا يتبيّن المخطىء من المصيب) فهي الحالة الّتي ورد النّهي عن


(١) فتح الباري (٩/ ٤١) .
(٢) فتح الباري (١٣/ ٤٦، ٤٧) .
(٣) الزواجر عن اقتراف الكبائر (٢/ ٧) .
(٤) فتح الباري (٧/ ٢٧٠) وانظر الحديث في البخاري- الفتح ٧ (٣٩٠٠) .
(٥) انظر الحديث في البخاري- الفتح ١٣ (٧٠٨٢) .
(٦) المراد بالفتنة هنا ما ينشأ عن الخلاف في طلب الحكم.
(٧) نقل ابن حجر هذا الرأي عن الطبري.