للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورائه، وقال: يا نبيّ الله: كذاك مناشدتك ربّك، فإنّه سينجز لك ما وعدك، فأنزل الله عزّ وجلّ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ (الأنفال/ ٩) فأمدّه الله بالملائكة.

قال أبو زميل: فحدّثني ابن عبّاس قال: بينما رجل من المسلمين يومئذ يشتدّ فى أثر رجل من المشركين أمامه.

إذ سمع ضربة بالسّوط فوقه. وصوت الفارس يقول:

أقدم حيزوم «١» . فنظر إلى المشرك أمامه فخرّ مستلقيا.

فنظر إليه فإذا هو قد خطم أنفه، وشقّ وجهه كضربة السّوط. فاخضرّ ذلك أجمع. فجاء الأنصاريّ فحدّث بذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فقال: «صدقت، ذلك من مدد السّماء الثّالثة» فقتلوا يومئذ سبعين. وأسروا سبعين.

قال أبو زميل: قال ابن عبّاس: فلمّا أسروا الأسارى قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لأبي بكر وعمر: «ما ترون في هؤلاء الأسارى؟» فقال أبو بكر: يا نبيّ الله هم بنو العمّ والعشيرة. أرى أن تأخذ منهم فدية. فتكون لنا قوّة على الكفّار. فعسى الله أن يهديهم للإسلام. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما ترى يا ابن الخطّاب» قلت: لا.

والله يا رسول الله ما أرى الّذي رأى أبو بكر. ولكنّي أرى أن تمكّنّا فنضرب أعناقهم. فتمكّن عليّا من عقيل فيضرب عنقه. وتمكّنّي من فلان (نسيبا لعمر) فأضرب عنقه. فإنّ هؤلاء أئمّة الكفر وصناديدها «٢» .

فهوي «٣» رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما قال أبو بكر. ولم يهو ما قلت. فلمّا كان من الغد جئت فإذا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأبو بكر قاعدين يبكيان. قلت: يا رسول الله أخبرني من أيّ شيء تبكي أنت وصاحبك. فإن وجدت بكاء بكيت. وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أبكي للّذي عرض عليّ أصحابك من أخذهم الفداء. لقد عرض عليّ عذابهم أدنى من هذه الشّجرة» (شجرة قريبة من نبيّ الله صلّى الله عليه وسلّم) وأنزل الله عزّ وجلّ: ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ. إلى قوله فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالًا طَيِّباً (الأنفال: ٦٧، ٦٨) فأحلّ الله الغنيمة لهم) * «٤» .

٣٧-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طمع بجنّته أحد، ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرّحمة ما قنط من جنّته أحد» ) * «٥» .

٣٨-* (عن أبي ذرّ- رضي الله عنه- أنّه سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «ليس من رجل ادّعى لغير أبيه وهو يعلمه، إلّا كفر. ومن ادّعى ما ليس له فليس منّا، وليتبوّأ مقعده من النّار، ومن دعا رجلا بالكفر، أو قال: عدوّ الله، وليس كذلك إلّا حار عليه «٦» » ) * «٧» .

٣٩-* (عن أنس- رضي الله عنه- قال:

قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «ما بعث نبيّ إلّا أنذر أمّته الأعور


(١) حيزوم: اسم فرس الملك، منادى بحرف نداء محذوف.
(٢) صناديدها: يعني أشرافها.
(٣) فهوى: أي أحب ذلك واستحسنه.
(٤) مسلم (١٧٦٣) .
(٥) مسلم (٢٧٥٥) .
(٦) حار عليه: أي باء ورجع عليه.
(٧) البخاري- الفتح ٦ (٣٥٠٨) . ومسلم (٦١) واللفظ له.