للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن دليم، أحد بني ساعدة بن كعب بن الخزرج- وهو يومئذ سيّد الخزرج- ومعهما عبد الله بن رواحة أخو بني الحارث بن الخزرج، وخوّات بن جبير- أخو بني عمرو بن عوف- فقال: انطلقوا حتّى تنظروا أحقّ ما بلغنا عن هؤلاء القوم أم لا؟ فإن كان حقّا فالحنوا لي لحنا أعرفه «١» ، ولا تفتّوا في أعضاد النّاس «٢» ، وإن كانوا على الوفاء فيما بيننا وبينهم فاجهروا به للنّاس» .

قال: فخرجوا حتّي أتوهم، فوجدوهم على أخبث ما بلغهم عنهم فيما نالوا من رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وقالوا: من رسول الله؟ لا عهد بيننا وبين محمّد ولا عقد. فشاتمهم سعد بن معاذ وشاتموه- وكان رجلا فيه حدّة- فقال له سعد بن عبادة: دع عنك مشاتمتهم، فما بيننا وبينهم أربى من المشاتمة. ثمّ أقبل سعد وسعد ومن معهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فسلّموا عليه، ثمّ قالوا: عضل والقارة، أي كغدر عضل والقارة بأصحاب الرّجيع «٣» ، خبيب وأصحابه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «الله أكبر، أبشروا يا معشر المسلمين» ) * «٤» .

٣-* (قال ابن هشام: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلى بني النّضير يستعينهم في دية ذينك القتيلين من بني عامر اللّذين قتل عمرو بن أميّة الضّمريّ للجوار الّذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم عقد لهما، كما حدّثني يزيد بن رومان، وكان بين بني النّضير وبين بني عامر عقد وحلف. فلمّا أتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلّم يستعينهم في دية ذينك القتيلين قالوا: نعم يا أبا القاسم. نعينك على ما أحببت ممّا استعنت بنا عليه، ثمّ خلا بعضهم ببعض فقالوا إنّكم لن تجدوا الرّجل على مثل حاله هذه ورسول الله صلى الله عليه وسلّم إلى جنب جدار من بيوتهم قاعد- فمن رجل يعلو على هذا البيت فيلقي عليه صخرة فيريحنا منه؟ فانتدب لذلك عمرو بن جحاش بن كعب، أحدهم فقال: أنا لذلك. فصعد ليلقي عليه صخرة كما قال ورسول الله صلى الله عليه وسلّم في نفر من أصحابه- فيهم أبو بكر وعمر وعليّ- فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلّم الخبر من السّماء بما أراد القوم، فقام وخرج راجعا إلى المدينة.

فلمّا استلبث النّبيّ صلى الله عليه وسلّم أصحابه «٥» ، قاموا في طلبه، فلقوا رجلا مقبلا من المدينة، فسألوه عنه، فقال: رأيته داخلا المدينة. فأقبل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم حتّى انتهوا إليه صلى الله عليه وسلّم، فأخبرهم الخبر بما كانت اليهود أرادت من الغدر به، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلّم بالتّهيّؤ لحربهم، والسّير إليهم) * «٦» .

٤-* (قال قطبة بن أوس الغطفانيّ الجاهلّي:

أسميّ ويحك هل سمعت بغدرة ... رفع اللّواء لنا، بها في مجمع) * «٧» .

٥-* (قال أبو العالية: ستّ خصال في المنافقين إذا كانت فيهم الظّهرة على النّاس أظهروا هذه


(١) أي أبلغوني بإشارة أفهم منها أنهم نقضوا العهد وبحيث لا يشعرون بتلك الإشارة.
(٢) أي: لا تضعفوا عزائمهم.
(٣) هم جماعتان من العرب ينتهي نسبهم إلي خزيمة بن مدركة طلبوا من الرسول صلى الله عليه وسلّم أن يبعث معهم من يعلمهم الإسلام فأرسل معهم ستة من أصحابه بينهم خبيب بن عدي فغدروا بهم عند ماء لهذيل يسمع (الرجيع) .
(٤) السيرة لابن هشام (٤/ ١٦٦- ١٧٣) بتصرف.
(٥) استلبثوه: شعروا بطول الوقت الذي استغرق في وجهته.
(٦) السيرة لابن هشام (٤/ ١٤٣- ١٤٤) .
(٧) المفضليات، المفضل بن محمد بن يعلى الضبي (٤٥) .