للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذه الآية وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ (آل عمران/ ١٣٥) إلى آخر الآية» ) * «١» .

١٥-* (عن أبي أمامة- رضي الله عنه- قال: بينما رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في المسجد، ونحن قعود معه، إذ جاء رجل فقال: يا رسول الله! إنّي أصبت حدّا. فأقمه عليّ. فسكت عنه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. ثمّ أعاد فقال: يا رسول الله! إنّي أصبت حدّا فأقمه عليّ. فسكت عنه. وأقيمت الصّلاة. فلمّا انصرف نبيّ الله صلّى الله عليه وسلّم قال أبو أمامة: فاتّبع الرّجل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين انصرف. واتّبعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنظر ما يردّ على الرّجل. فلحق الرّجل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله! إنّي أصبت حدّا، فأقمه عليّ.

قال أبو أمامة: فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أرأيت حين خرجت من بيتك، أليس قد توضّأت فأحسنت الوضوء؟» . قال: بلى. يا رسول الله، قال: «ثمّ شهدت الصّلاة معنا؟» . فقال: نعم يا رسول الله.

قال: فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «فإنّ الله قد غفر لك حدّك- أو قال- ذنبك» ) * «٢» .

١٦-* (عن مسروق- رحمه الله- قال: جاء إلى عبد الله رجل فقال: تركت في المسجد رجلا يفسّر القرآن برأيه. يفسّر هذه الآية: يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ (الدخان/ ١٠) قال: يأتي النّاس يوم القيامة دخان فيأخذ بأنفاسهم. حتّى يأخذهم منه كهيئة الزّكام. فقال عبد الله: من علم علما فليقل به.

ومن لّم يعلم فليقل: الله أعلم. فإنّ من فقه الرّجل أن يقول لما لا علم له به: الله أعلم. إنّما كان هذا، أنّ قريشا لمّا استعصت على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم دعا عليهم بسنين كسني يوسف، فأصابهم قحط وجهد، حتّى جعل الرّجل ينظر إلى السّماء فيرى بينه وبينها كهيئة الدّخان من الجهد. وحتّى أكلوا العظام. فأتى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم رجل فقال: يا رسول الله! استغفر الله لمضر، فإنّهم قد هلكوا. فقال: «لمضر؟ إنّك لجريء» . قال فدعا الله لهم فأنزل الله- عزّ وجلّ-: إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عائِدُونَ (الدخان ٥١) . قال: فمطروا.

فلمّا أصابتهم الرّفاهية قال: عادوا إلى ما كانوا عليه.

قال: فأنزل الله عزّ وجلّ: فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ* يَغْشَى النَّاسَ هذا عَذابٌ أَلِيمٌ (الدخان/ ١٠- ١١) يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ (الدخان/ ١٦) قال: يعني يوم بدر» ) * «٣» .

١٧-* (عن بريدة قال: جاء ماعز بن مالك إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله، طهّرني.

فقال: «ويحك ارجع فاستغفر الله وتب إليه» . قال:

فرجع غير بعيد ثمّ جاء. فقال: يا رسول الله؛ طهّرني. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ويحك، ارجع


(١) الترمذي (٣٠٠٦) ، أبو داود (١٥٢١) وقال الألباني في صحيح سنن أبي داود (١/ ٢٨٣) : صحيح، ابن ماجة (١٣٩٥) ، جامع الأصول (٤/ ٢٣٠) وقال محققه: إسناده حسن، وقد حسنه غير واحد.
(٢) مسلم (٢٧٦٥) .
(٣) البخاري- الفتح ٨ (٤٨٢١) ، مسلم (٢٧٩٨) واللفظ له.