للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مجلسه الّذي صلّى فيه. يقولون: اللهمّ ارحمه. اللهمّ اغفر له. اللهمّ تب عليه. ما لم يؤذ فيه. ما لم يحدث فيه» ) * «١» .

٢٤-* (عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «قال الله: يا ابن آدم، إنّك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي. يا ابن آدم، لو بلغت ذنوبك عنان «٢» السّماء، ثمّ استغفرتني غفرت لك ولا أبالي. يا ابن آدم إنّك لو أتيتني بقراب الأرض «٣» خطايا ثمّ لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة» ) * «٤» .

٢٥-* (عن أنس- رضي الله عنه- قال:

«قدم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم المدينة فنزل أعلى المدينة في حيّ يقال لهم بنو عمرو بن عوف، فأقام النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فيهم أربع عشرة ليلة، ثمّ أرسل إلى بني النّجّار فجاءوا متقلّدي السّيوف، كأنّي أنظر إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم على راحلته وأبو بكر ردفه «٥» وملأبني النّجّار حوله، حتّى ألقى بفناء أبي أيوب، وكان يحبّ أن يصلّي حيث أدركته الصّلاة ويصلّي في مرابض الغنم، وأنّه أمر ببناء المسجد، فأرسل إلى ملأ من بني النّجّار فقال: «يا بني النّجّار، ثامنوني بحائطكم «٦» هذا» . قالوا: لا والله لا نطلب ثمنه إلّا إلى الله. فقال أنس: فكان فيه ما أقول لكم: قبور المشركين، وفيه خرب، وفيه نخل.

فأمر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بقبور المشركين فنبشت، ثمّ بالخرب فسوّيت، وبالنّخل فقطع. فصفّوا النّخل قبلة المسجد، وجعلوا عضادتيه «٧» الحجارة، وجعلوا ينقلون الصّخر وهم يرتجزون، والنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم معهم وهو يقول:

اللهمّ لا خير إلّا خير الآخره ... فاغفر للأنصار والمهاجره» ) *

«٨» .

٢٦-* (عن عائشة- رضي الله عنها- زوج النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم- قالت: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا أراد أن يخرج سفرا، أقرع بين نسائه. فأيّتهنّ خرج سهمها، خرج بها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم معه. قالت عائشة:

فأقرع بيننا في غزوة غزاها. فخرج فيها سهمي.

فخرجت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. وذلك بعد ما أنزل الحجاب. فأنا أحمل في هودجي، وأنزل فيه مسيرنا.

حتّى إذا فرغ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من غزوه، وقفل «٩» ، ودنونا من المدينة، آذن ليلة بالرّحيل. فقمت حين آذنوا بالرّحيل. فمشيت حتّى جاوزت الجيش.

فلمّا قضيت من شأني أقبلت إلى الرّحل. فلمست


(١) البخاري- الفتح ١ (٤٤٥) ، مسلم (٦٤٩) ، وأحمد (٢/ ٢٥٢) واللفظ له.
(٢) عنان: بفتح العين السحاب، وبكسرها لجام الدابة.
(٣) بقراب الأرض- بضم القاف- أي بما يقارب ملأها وهو مصدر قارب يقارب.
(٤) الترمذي (٣٥٤٠) . قال محقق جامع الأصول (٨/ ٤٠) : حسنه الترمذي وهو كما قال، وذكره الحافظ في الفتح وقال: رواه ابن حبان وصححه.
(٥) ردفه: أي راكب وراءه.
(٦) ثامنوني بحائطكم: أي اذكروا لي ثمن بستانكم.
(٧) عضادتيه: عضادتا الباب خشبتان منصوبتان مثبتتان في الحائط على جانبيه.
(٨) البخاري- الفتح ١ (٤٢٨) واللفظ له، مسلم (١٨٠٥) .
(٩) قفل: أي رجع.