أَي: ومن يأْنف من عبادة الله ويترفع عنها، ظنا منه أَن العار يلحقه بسبب هذه العبادة، فمَردُّهُم - وسائر الخلق - إِلى الله، حيث يلقى كل جزاءَه، ومن يستكبرْ على الخضوع له تعالى - لتوهمه أَن طاعة الله دون مقامه - فسيحشر الله العابدين والمعبودين إليه - جميعًا - يوم القيامة، حيث لا يملكون لأَنفسهم نفعا ولا ضَرًّا. والاستكبار دون الاستنكاف.
والاستكبار: طلب الكبر.
وهذا وعيد شديد، للذين يقولون على الله غير الحق.
ولما ذَكَر سبحانه: أَنه سيحشرهم إِليه جميعًا، ذكر أَولًا: ثواب المؤمنين، ثم ذكر آخرًا: عقاب المستنكفين. وقد بين ثواب المؤمنين بقوله:
أَي: فأَما الذين حققوا في نفوسهم هذين الوصفين العظيمين: الإِيمان والعمل الصالح، فيجزيهم الله على ذلك جزاءً وافيًا ثابتا - لا شك فيه - ثبوت الأَجر للعامل، تحقيقا لوعد الله الذي لا يتخلف كما بيَّن أَن هناك زيادة يَمُنُّ الله بها عليهم من فضله.
والتعبير بلفظ الماضي (آمَنُوا وَعَمِلُوا): إِشارة إِلى أَنه لا بد من تحقق هذين الوصفين، كي ينال الموصوف بهما ما ذُكِرَ من جزاء.
وذِكْرُ الجزاءَ بلفظي المضارع (يُوَفَيِّهِمْ … وَيَزِيدُهُمْ): دون استعمال السين أَو سوف؛ فسيوفيهم، أَو فسوت يوفيهم - مثلا - لاستحضار صورة قريبة تستضئُ بها أَنفسهم وتدعو العامة والخاصة إِلى الاقتداء بهم.
ثم ذكَرَ ما أَعده الله عقابا للمستنكفين والمستكبرين فقال: