للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والمراد بقوله تعالى: ﴿رَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا﴾ علموا وتيقنوا ضلالهم. وإِنما عبر العلم بالرؤية للإِشارة إلى أَنهم تبيَّنوا خطأَهم بوضوح كامل حتى كأَنهم رأَوه بأَعينهم.

وما حكاه القرآن عنهم من الندم والرؤية، وما قالوه وإِن كان بعد رجوع موسى إِليهم من الميقات كما دلت عليه آيات سورة طه. لكن أُريد بتقديمه هنا على رجوع موسى أَن يكون ما صدر عنهم من اتخاذ العجل والندم عليه في موضع واحد، مسارعة إِلى تذكير أَهل مكة، بندم بنى إِسرائيل على اتخاذهم العجل الذهبى الذي يخور خوار البقر، فهم أَحق منهم بالندم على عبادة ما هو دون ذلك من الأَحجار، أَمَّا ما جاءَ في سورة طه فهو تفصيل كامل للقصة يقتضي وضع كل حادث في موضعه.

﴿وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (١٥٠) قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا في رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (١٥١)﴾.

[المفردات]

﴿أَسِفًا﴾: شديد الغضب أَو حزينا.

﴿بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي﴾: أَي بئس ما فعلتموه من بعد غيبتى.

﴿أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ﴾: أَي أَسبقتم ما أَمركم به ربُّكم من التوحيد فعبدتم العجل قبل أَن يعود موسى من ميقات ربه، ليكون أَمام الأْمر الواقع، يقال: عجل الأْمر سبقه