ونادى أصحاب الأعراف رجالا من أَهل النار، كانوا رؤساء الكفر: يعرفونهم بعلامتهم المميّزة لهم، قائلين لهم: ما أَغنى عنكم جمعكم الأَتباع والأَموال؟ ولا استكباركم المستمر على الخَلْقِ وعن قبول الحق؟! فكلّ ذلك، لم يدفع النار الَّتى تستحقونها، بكفركم واستكباركم.
ويصحّ أن يكون قوله تعالى: ﴿مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ﴾ من باب الاستفهام التوبيخى، بمعنى أىُّ شيءٍ أفادكم جمعُكم (١) واستكباركم؟!
الإشارة في (هَؤلَاءِ) راجعة إلى ضعفاء المؤْمنين في كل ملَّة سماوية. وهذه الآية حكاية لتوبيخ آخر، صادر من أصحاب الأعراف لرؤَساءِ الكفر، بعد ما وبَّخُوهم على كفرهم واستكبارهم، واعتزارهم بجمعهم وكثرتهم، ونَعَوا عليهم: أن ذلك كلَّه لم يغنِ عنهم من الله شيئًا …
والمعنى:
وقال أصحاب الأَعراف أيضًا - موبّخين لرؤُساءِ الكفر - أهؤُلاءِ الضعفاءُ المؤْمنون، هم الذين أقسمتم أَن الله لا ينعم عليهم برحمته، احتقارا منكم لهم؟!
ثم أشَاحُوا معرضين عنهم - متجهين إلى هؤُلاء المؤْمنين محتفين بهم، قائلين لهم: ادخلوا الجنة … لا خوف عليكم من مكروه، ولا أنتم تحزنون على فوت مطلوب. فأنتم في كرامة ومسرّة.