خاطب الله نبيه محمدًا ﷺ بقوله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ﴾ ولم يخاطب غيره من الأنبياء بوصف النبوة كقوله - تعالى -: ﴿يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى﴾ وقوله: ﴿يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ﴾ وذلك لتشريف نبيه محمد وتكريمه، وليرتب عليه ما هو من أبرز آثاره وأقوى لوازمه، وهو وجوب التقوى منه لله - تعالى - وعدم طاعته للكافرين والمنافقين.
وسبب نزولها - على ما ذكره الثعلبى والواحدي - أن أبا سفيان بن حرب، وعكرمة ابن أبي جهل، وأبا الأعور السلمي قدموا على النبي ﷺ في زمن الموادعة (١)، وقدم معهم من المنافقين عبد الله بن أبي بن سلول، ومعتب بن قشير، والجد بن قيس، فقالوا لرسول الله ﷺ: ارفض ذكر آلهتنا، وقل: إنها تشفع وتنفع، وندعك وربك، فشق ذلك على النبي ﷺ والمؤمنين وهموا بقتلهم.
وروى أن عمر بن الخطاب لما سمع قولهم هذا قال: يا رسول الله ائذن لي في قتلهم، فقال ﷺ:"إني قد أعطيتهم الأمان" فقال لهم عمر: اخرجوا في لعنة الله وغضبه، فأمر النبي ﷺ أن يخرجوا من المدينة. وقيل: نزلت في ناس من ثقيف قدموا على رسول الله ﷺ وطلبوا منه أن يمتعهم باللات والعزى سنة، يأخذون نذورها على أن لا يعبدوها، لتعلم قريش منزلتهم عنده ﷺ فأبى عليهم ذلك. ومعلوم قطعًا أن النبي أشد الناس
(١) أي: زمن الهدنة التي كانت بين النبي ﷺ وبين قريش في صلح الحديبية.