الهمزة في ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا﴾ للإنكار، والمعنى: أغفل هؤلاء الكفار المنكرون للبعث ولم يعلموا علمًا جازمًا أن الله العظيم أبدع خلق السموات والأرض ابتداء من غير مثال يحتذيه، ولم يلحقه بذلك تعب أصلًا، أو لم يعجز عنه - أو لم يرده - ﴿بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى﴾ أي: أنه - سبحانه - وقد أبدع خلق السموات والأرض في الابتداء قادر قدرة بالغة على أن يحيى الموتى بعد الفناء، ويعيدهم بعد تفرق الأشلاء.
ودخلت الباء هنا في خبر أنَّ تأكيدًا للمعنى لاشتمال النفي في أول الآية على أن وما في حيزها كأنه قيل: أو ليس الله قادر على أن يحيى الموتى؟ ولذلك أجيب عنه بقوله تعالى: ﴿بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ تقريرًا للقدرة على وجه عام ليكون كالبرهان على المقصود، فكأنه قيل: إحياء الموتى شيء، وكل شيء مقدور له - تعالى - فينتج عنه أن إحياء الموتى مقدور له، ويلزمه أنه قادر على إحياء الموتى: تفسير الآلوسي.
أي: وذكِّر الكفار يوم يوقفون على النار فيقال لهم تقريعًا: ﴿أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ﴾ إشارة إلى ما يشاهدونه من حيث هو من غير لفظ يدل عليه إذ هو اللائق بتهويله وتفخيمه، أو إشارة إلى العذاب الذي كانوا يكذبون به بدليل التصريح به بعد في قوله: ﴿فَذُوقُوا الْعَذَابَ﴾ وفي ذلك توبيخ لهم على استهزائهم بوعد الله ووعيده، وكان جوابهم مؤكدًا بالقسم حيث قالوا: ﴿بَلَى وَرَبِّنَا﴾ كأنهم يطمعون في الخلاص من العذاب بالاعتراف بحقية ذلك، وأنى لهم ذلك؟! ﴿قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ﴾ أي: فيقول المقرِّر: فذوقوا العذاب بسبب استمراركم على الكفر في الدنيا.