للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (٢٧) اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ (٢٨)

[المفردات]

﴿سَنَنْظُرُ﴾: من النظر؛ بمعنى التأَمل، أي: سنتحرّى ونتحقق.

﴿أَلْقِهْ إِلَيْهِمْ﴾: ادفعه إليهم وأوصله لهم. ﴿تَوَلَّ عَنْهُم﴾: توَارَ وتَنَحَّ إلى مكان تغيب فيه عن أبصارهم. ﴿فَانْظُرْ﴾: فانتظر أو تعرَّف.

﴿مَاذَا يَرْجِعُونَ﴾: أي؛ بماذا يجيبون، ويرد بعضهم على بعض في شأْن الكتاب.

[التفسير]

٢٧ - ﴿قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ … ﴾ الآية.

كلام مستأْنف وقع جوابًا عن سؤال نشأ من حكايته كلام الهدهد.

كأَنه قيل: فماذا فعل سليمان بعد اعتذار الهدهد؟

فقيل: قال: سننظر.

والمعنى: قال سليمان ردًّا على الهدهد فيما اعتذر به عن غيابه عن مكانه بين الطير بغير إذنه - قال -: سنتحرى ونعرف أصدقت فما قلت؟ أم أَنك كنت من جملة أهل الكذب الممعنين فيه؟ والعدول عن التعبير بقوله: أصدقت أَم كذبت إلى قوله: ﴿أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾ للإيذان بأَن كذبه بهذا الأُسلوب المنسق، ومع نبى الله سليمان يقتضي إيغاله في الكذب، وانتظامه في سلك المتعمقين فيه إن لم يكن له ما يصدقه.

وفي هذا الأُسلوب دليل على أَن الإِمام يجب عليه أن يتحرى عند الاعتذار قبل أَن ينزل العقوبة بمن ظاهره الخطأ، فربَّما كان صادقًا في اعتذاره، وفي الصحيح: "لا أحد أحب إليه العذرُ من الله، من أجل ذلك أنزل الكتاب، وأرسل الرسل".