للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وعلى ما قيل: من أن الآيات الثلاث التي بُدِئَتْ بآية: ﴿إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا﴾ إلى آخر هذه الآية، من قول السحرة .. يحتمل أَنهم سمعوا ما قالوه من موسى أَو من بنى إِسرائيل الذين كانوا بمصر أو ممن آمن من آل فرعون، وكان فيهم المؤمن الذي يكتم إيمانه ويحتمل أَن يكون ذلك إلهامًا أَنطقهم الله به لما آمنوا.

﴿وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى (٧٧) فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ (٧٨) وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى﴾

[المفردات]

﴿أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي﴾: أَي سِرْ بهم ليلا: تقول سريت الليل وسريت به إِذا قطعته بالسير، وأَسرَى لغة حجازية. (يَبَسًا): اليَبَس بالتحريك المكان الذي كان فيه ماءٌ فذهب ماؤُه وفعله يبِس من باب علِمَ وفي لغة يَبِس يَيْبِسُ بكسر الباءِ فيهما ..

﴿دَرَكًا﴾ الدَّرَكُ: اللحاقُ أَي لا تخاف أَن يلحقكَ فرعون وجنوده.

﴿فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ﴾: أَي سار خلفهم حتى اقترب منهم، يقال أَتْبعهُ وتَبعهُ بمعنى واحد.

﴿فَغَشِيَهُمْ﴾: أَي أَصابهم. ﴿مِنَ الْيَمِّ﴾: من البحر.

[التفسير]

٧٧ - ﴿وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي … ﴾ الآية.

كان فرعون قد وعد موسى أَن يرسل بنى إِسرائيل معه، ويطلقهم من أَسره وقهره بعد أَن ظهر موسى بآياته عليه، ولكنه كان يماطل في الوفاء فينزل به الله وبقومه آيات العذاب، وكان كلما نزلت به آية، وعد عند انكشافها أن يفى بوعده، حتى إِذا انكشف العذاب خاس بعهده، فلما كملت الآيات البينات التي تتابعت عليه لنحو عشرين سنة، بعد ما غُلِبت السحرة (١) أَوحى الله إلى موسى أَن يرحل عن مصر ببنى إسرائيل لإِنقاذهم من


(١) أخرجه الإمام أحمد في الزهد وغيره عن نوف الشامى كا ذكره الآلوسى أثناء شرحه لقوله تعالى ﴿آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ﴾ في سورة الأعراف.