أمر الله نبيه محمدًا ﷺ أن يسأل اليهود هذا السؤال، تبكيتًا لهم وتأنيبًا، وإقامة للحجة عليهم. وهذا السؤال لا يحتمل إلا جوابًا واحدًا هو: الإقرار بأن الله آتاهم نصوصًا عديدة، في الأحكام والبشارة بمحمد، بينةً واضحة في الدلالة على مقاصدها، ووجوب العمل بها، وحججًا باهرة على يد موسى وسائر أنبيائهم. ولكنهم لم يعملوا بمقتضاها فقتلوا فريقًا من أنبيائهم، وكذبوا فريقًا، وجحدوا الأدلة الواضحة، وغيروا الكتب المنزلة، وجعلوها قراطيس يبدونها ويخفون كثيرًا، طلبًا للرياسة، وحبًّا لأغراض الدنيا الفانية.
هذا حكم عام، بمؤاخذة من يُغَيِّر آيات الله، التي هي من أَجَلِّ نعمه تعالى على المُغَيّر، بعد معرفته أنها آياته وأنعمه، فيستبدل الكفر بالإيمان، والجحود بالشكر، ويتناول الآيات الواضحة، بالتحريف والتبديل، تبعًا لهواه. فإنه يعاقبه عقابًا شديدًا.
﴿فإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾: لكل من ضلوا بعد ما جاءَتهم البينات، وبدلوا نعمة الله كفرًا.