للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأَول الشواهد على ذلك: رؤيا يوسف التي رآها في صباه؛ لقد رأَى أَحد عشر كوكبًا، ورأَى الشمس والقمر، رأَى هؤلاء جميعًا له ساجدين، فلما سمع يعقوب من يوسف هذه الرؤيا الصادقة أَدرك أنها ستتحقق، واوصاه أَن يكتمها عن إخوته حتى لا يكيدوا له.

وثانى هذه الشواهد: هذا القميص الذي جاءُوا به ملوثًا بالدم، زاعمين أن الذئب أكله وأَن الذي تلوث به القميص دمه، وكان القميص بغير تمزق، فأدرك أن قصة الذئب مخترعة مصنوعة إذ لو أكله لمزَّق قميصه. ولذا كذبهم فقال: "بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ".

وثالث هذه الأَمارات: ما أَخبره به أَولاده من سيرة عريز مصر نحوهم وعطفه عليهم، وضيافته لهم، فاحسَّ أَنهم يتحدثون عن أَمله المنشود ولذلك قال لهم:

(يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (٨٧))

[المفردات]

(فَتَحَسَّسُوا): التحسس؛ طلب معرفة الشئِ بالحواس.

(ولَا تَيْئَسُوا مِنِ رَّوْحِ اللهِ): ولا تقنطوا من رحمته التي يحيى بها العباد.

[التفسير]

٨٧ - (يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ ٠ … ) الآية.

أَي يا بنىَّ ارجعوا إلى مصر حيث ينتظركم أخوكم الكبير فتعرَّفوا جميعًا من أَخبار يوسف وأَخيه، وابحثوا عنهما بكل قواكم جادّين دائبين، ولا تقنطوا من رحمة الله التي وسعت كل شئِ، إِنه لا يقنط من رحمة الله سبحانه إِلا القوم الكافرون، لجهلهم به وبصفاته، وأَما العالمون به فلا يقنطون بحال.