يأيها الذين تجملوا بحلية الإيمان، لا تسلكوا مسالك الشيطان فيما يسعى إليه من الشرِّ فيما بينكم، ولا تعملوا بوساوسه، فإنه لا يسعى إلى خير، ولا يوسوس إلا بفتنة، ومن يتبع خطوات الشيطان، فيسلك سبيله ويعمل بوسوسته، ارتكب الفحشاء والمنكر، فإن الشيطان لا يأمر إِلا بهما، ولا يحض إلا عليهما، ومن كان كذلك لا يجوز اتباعه وطاعته في وسوسته، فكيف اتبعتموه في نشر الإفك، وما هو إِلا كاذب أثيم؟
ولولا تفضل الله عليكم ورحمته بكم، إِذْ أمهلكم حتى تثوبوا في رشدكم وتتوبوا من ذنبكم بعد ما أنزله إليكم من الآيات البينات الناطقة بطهر ابنة الصديق الكريم زَوْجِ النبي الأمين، وأم المؤمنين - لولا هذا الفضل والرحمة - ما طهر أَحد منكم أَبدًا من ذنب هذا الإفك المبين، ولكن الله يزكى ويطهر من يشاءُ ممن حسنت توبته، وصفت سريرته، والله عظيم السمع لما يقال من الذنوب والتوبة منها، محيط العلم بالمذنبين والتائبين - مخلصين أو غير مخلصين - فيجازى كلا على حسب حاله ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ (١).
وهذه الآية وإن نزلت بسبب خاص، فهى قاعدة عامة تقتضى وجوب الابتعاد عن المنكرات، فإنها ترضى الشيطان وتغضب الرحمن الذي يعلم السر وأخفى، وتقتضى العقاب لمن لم يتدارك ذنبه ويستغفر ربه.