للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[التفسير]

١٠٩ - ﴿فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هَؤُلَاءِ﴾:

بعد أن بين الله تعالى عقاب الأشقياء وثواب السعداء أنذر أهل مكة بأن عبادتهم قائمة على الضلال وأنهم سيلقون مصير الأشقياء الضالين إِذا أصروا على شركهم.

والمعنى لا يتطرق إليك - أيها الرسول - شك في ضلاد هؤلاء المشركين وإِن ادعوا أنهم يتقربون إِلى الله بعبادة هذه الأصنام حيث قالوا: ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ (١).

وهو ادعاءٌ باطل لا يقوم على عقل رشيد أو رأى سديد، لأن الأصنام لا تملك التقريب والإبعاد من الله تعالى، فهي لا تملك لنفسها ضرا ولا نفعًا فكيف تملكهما لغيرها.

﴿مَا يَعْبُدُونَ إِلَّا كَمَا يَعْبُدُ آبَاؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ﴾:

أي أنهم لا يؤدون عبادتهم تطبيقًا لكتاب منزل، أو إطاعة لنبي مرسل، أَو تأثرًا بعقل مفكر، وإِنما يؤدونها تقليدًا أعمى لآباءهم وأجدادهم الضالين دون رَوِيَّة أو تفكير ﴿إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ (٦٩) فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ (٧٠)(٢).

﴿وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ﴾:

أي وإِننا لمجازوهم على عقيدتهم الباطلة وأَعمالهم الفاسدة جزاء كاملا غير منقوص، كما جازينا الأمم السابقة بسبب كفرهم وعتوهم ﴿وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا﴾. والجملة هنا مؤكدة بأكثر من مؤكد للإنذار والترهيب.


(١) سورة الزمر الآية: ٣
(٢) سورة الصافات الآيتان ٧٠،٦٩