أَي فلمَّا نزل عذابنا بثمود، بعد مضى المدّة التي أُنذروا العذاب بعدها، نجَّينا صالحا والذين آمنوا معه من الهلاك معهم، بسبب رحمة عظيمة من لدنا وسعتهم وحفظتهم، لإِيمان صالح ونبوته وإِيمان المصدقين برسالته العاملين بشريعته.
﴿وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ﴾:
أَي ونجيناهم من ذل وفضيحة يوم العذاب المهين الذي نزل بكفار ثمود.
﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ﴾:
خطاب لمحمد ﷺ تخلل الحديث عن قصة صالح تقوية لعزمه، أي إِن ربك الذي يرعاك يا محمد، هو وحده القادر على كل شيء الغالب في كل وقت فلا يعجزه شيء أراده، فلذا أَخذ قوم صالح أخذ عزيز مقتدرٍ، وفيه إنذار شديد للمشركين إن أصرُّوا على الكفر والجحود ﴿وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ﴾ (١).
٦٧ - ﴿وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ﴾: أَي وأَخذ الذين ظلموا بتكذيب رسالة صالح - أخذهم - العذاب بصيحةٍ قوية مفزعة زلزلت بهم الأَرض فصعقوا وانتهت حياتهم في مساكنهم باركين على ركبهم خامدين لا يتحركون.
أَي فأَصبحوا وقد انتهى أَمرهم من ديارهم فلم يبق لهم فيها من أثر يذكرون به - إلا الصورة المفزعة لهلاكهم - كأَنهم لم يقيموا أَصلا في تلك الديار - فليعتبر بحال هؤُلاءِ كل من يجترئ على تكذيب رسل الله والكفر بهم، فما وقع لثمود كان بسبب كفرهم كما قال تعالى: ﴿أَلَا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِثَمُودَ﴾: أَلاَّ إنَّ ثمود قوم صالح ﵇ قد أنكروا ربهم فاستحقُّوا ما وقع عليهم وأَن يقال فيهم هلاكا وطردا من رحمة الله وإِحسانه لثمود.