بعد أن بين الله حظوة المتقين عند ربهم يوم الدين، وشقاء الكافرين يوم يقوم الناس لرب العالمين، أمر الله نبيه أن يبين للمشركين أن مهمته فيهم هي الإنذار والبلاغ، وأنه لا ينبغي مغنمًا منهم ولا أجرًا، وأنه لا يوجد إله لهم سوى الله الواحد القهّار، فلا وجه لعبادتهم سواه، فالله هو الغالب الذي لا يقهر، وهو رب السموات السبع والأرض، وما بينهما من الكواكب التي هي زينة للسماء الدنيا، ومن الشهب والهواء والقوى الكونية التي بين السماء والأرض، وهو العزيز الغالب لمن ناوأه في أُلوهيته، الغفار لمن تاب من كفره، وأناب إلى ربه، مع عزته وقهره.
وفي هذه الأوصاف التي وُصِفَ الله بها في الآيتين تقرير لتوحيده - تعالى - ووعد للمؤمنين ووعيد للمشركين على نحو ما بيناه.
قل - أيها الرسول - للمشركين: ما أخبرتكم به من أنني نذير لكم مِنْ عقوبة من هذه صفاته من أنه - تعالى - إله واحد قهار، رب السموات والأرض عزيز - قل لهم -: ما أخبرتكم به من ذلك خبر عظيم أنتم عنه معرضون لا يحرك همتكم، لتمادى غفلتكم وجهالتكم، فإن اليقظ العاقل لا يعرض عن مثله، وقد قامت عليه الحجج الواضحة، أما على توحيد الله فما مرَّ من صفاته التي لا تمارون فيها وهو وحيد في الاتصاف بها، وأما على نبوة محمَّد ﷺ