وقيل: إن المعنى لتنذر قومًا الإنذار الذي أنذر بمثله آباؤهم الأقدمون في عهد إبراهيم وإسماعيل ﵉ فنسوه وغفلوا عنه، فـ (ما) هنا في قوله: ﴿مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ﴾ مصدرية وليست نافية.
وهناك وجه غفل عنه معظم المفسرين، وهو أن رسالة إسماعيل ﵇ كانت للعرب العاربة، أَما العرب المستعربة الذين نشأُوا من ذرية إسماعيل فلم يأتهم رسول قبل محمد ﷺ وقريش من ذريتهم.
أَي: والله لقد ثبت القول بعدم الإيمان على أكثر هؤلاءِ المشركين بسبب إصرارهم على الشرك، وإعراضهم عن إِجابة الرسول، وعدم تأَثرهم بالإنذار، والتذكير، وغلوهم في العتو والعناد، حتى صح فيهم قول القرآن على لسان إبليس: ﴿وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ (١).
وقوله تعالى: ﴿فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ متفرع على إصرارهم على الشرك، وتماديهم في العناد والمعنى: فهؤُلاء مصرون على الشرك إلى الموت، مختارون له لا ينتظر منهم امتثال، ولا يرجى، لهم إِيمان باختيارهم، ولهذا هداهم الله إليه بفتح مكة في السنة الثامنة من الهجرة.