للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾: صيغتان للمبالغة في الرحمة، الأولى سماعية، والثانية قياسية، وتختص الأولى بالله - تعالى - ويجوز إطلاق الثانية على غيره.

[التفسير]

١٦٣ - ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾.

لما ذكر الله في الآيتين السابقتين وعيد الكافرين، وختمه بأنهم خالدون في العذاب وأنهم لا يُخفف عنهم ولا يُنظرون، أتبعهما هذه الآية والتي تليها، ليرشدهم إلى توحيده - سبحانه - لعلهم ينقذون أنفسهم من هذا الوعيد الذي ينتظرهم، فهما مسوقتان لإثبات الألوهية لله - تعالى - وتفرده بها، وقد مرّ قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى … ﴾ الآية. لإثبات نبوة محمد الذي كتموا شهادة الكتب السماوية بنبوته.

[وسبب النزول على ما نقله الآلوسي]

عن ابن عباس : أن كفار قريش قالوا: للنبي : صف لنا ربك، فنزل قوله تعالى: ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ ومع أن السبب خاص، فالخطاب عام لكل من يصلح للخطاب، والسائلون في جملتهم.

والمعنى: وإله البشر الذي يستحق العبادة، إله واحد، هو الله - تعالى - لا إله إلا هو بليغ الرحمة، فقد عمت رحمته في الدنيا المؤمن والكافر، والبر والفاجر، وعمت رحمته في الآخرة، هل الإيمان: من وفَّى منهم، ومن قصر وتاب.

﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٥٣) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ … ﴾ (١).

ومن كان كذلك: فلا يصح أن يُعبد معه سواه، فإن سواه مجرد من صفات الأُلوهية محتاج إلى الله في خلقه وتدبيره، كما أنه ﷿ لو كان معه إله آخرن لفسد العالم.


(١) سورة الزمر: ٥٣، ٥٤.