﴿وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ﴾: أَي وما أَنتم بمفلتين من عذاب الله.
﴿وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ﴾: قال أَبو عبيدة: معناه وأَظهروا الندامة، وقال غيره: وأخفوا الندامة - فهو من الأضداد.
﴿بِالْقِسْطِ﴾: القسط بكسر القاف بمعنى العدل أَما بفتحها فبمعنى الظلم وليس له موضع هنا.
[التفسير]
٥٣ - ﴿وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ﴾: لا يزال الكلام متصلًا في نقاش الكافرين، والنبأُ: الخبر الهامّ والاستنباءُ: طلب النبإِ.
والمعنى: ويطلبون منك أَيها الرسول أن تخبرهم عن العذاب أَحق وصدق هو. وأَنهم ملاقوه لا يفوتهم، وهم بسؤالهم هذا لا يريدون الجواب بل يقولونه مستهزئين، معتقدين أَنه وعد باطل. ثم أَمر الله رسوله أَن يجيبهم فقال:
﴿قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ﴾: أي قل لهم أَيها الرسول - غير مكترث باستهزائهم - نعم وحق رَبِّى إِن العذاب الذي أُوعدتموه وأُنذرتم به لحق ثابت لا شك في وقوعه، فهو مقدور لله وما أنتم بمفلتين منه.
٥٤ - ﴿وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ﴾: أَي ولو أَن لكل نفس ارتكبت الظلم بعصيان ربها، لو أَن لها جميع ما في الأَرض لقدمته فدية من هذا العذاب إِن كان الافتداء يجديها.
﴿وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ﴾: أَي وأَخفوا الندامة على كل ما فعلوا من الظلم، ولم يظهروها لا تصبُّرا ولا تجلدا، بل لأنهم بهتوا عند رؤيتهم فظاعة الحال وشدة الأَهوال التي لم تخطر لهم على بال، فلم يقدروا على النطق بشئ، أَو أَنهم كتموها في أَنفسهم لأنهم رأَوا أَن لا نفع في إِظهارها وقتئذ، وقيل: معناه وأَظهروا الندامة تأَلما وتضجرا.
﴿وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾: أي وحكم بينهم بالعدل التام الذي لا ظلم فيه بوجه من الوجوه ﴿وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ (١).