للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ذكره المفسرون، ونرى في الآية وجهًا آخر، وهو إن يكون المراد بالرسول موسى ، وبأثره سنته وشريعته، وبيان الآية على هذا أَن موسى لما أقبل على السامري باللوم والسؤال عما دعاه إِلى صنع العجل وإِضلال قومه بعبادته، قال بصرت بما لم يبصروا به أي عرفت ما لم يعرفوه في دينك يا موسى، فقد تبين لي أَنه ليس بحق، فقبضت قبضة من أَثرك أَيها الرسول أَي أخذت شيئًا من سنتك ودينك فطرحته عن قلبى، وحملت القوم على ترك دينك بصناعة العجل وتحويلهم إلى عبادته، فعندئذ أَدرك موسى كفره، فتوعده بالعقاب في الدنيا والآخرة، وإنما وصف موسى بالرسول وهو لا يؤمن به على سبيل التهكم، كما قالت قريش للنبي : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ﴾.

وقد عقب الرازى على هذا الرأْى بقوله: واعلم أَن هذا القول ليس فيه إلا مخالفة المفسرين ولكنه أَقرب إِلى التحقيق.

والمعنى على هذا: قال السامرى لموسى ردًا على لومه وتوبيخه: علمت من أَمر دينك ما لم يعلمه قومك، فكرهت البقاء فيه، فقبضت قبضة من دينك المأْثور عنك، فطرحتها عني وحملت قومى على مخالفتك فصنعت لهم عجلا جسدا له خوار بسبب دخول الريح فيه أَو بالسحر، ودعوتهم إلى عبادته، حيث قلت لهم: هذا إِلهكم وإله موسى، فاستجابوا لى وعبدوه وكذلك سولت لى نفسى.

﴿قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا (٩٧) إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾

[المفردات]

﴿لَا مِسَاسَ﴾: لا يمسنى أَحد.

﴿مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ﴾: أَي وعدا بالعذاب يوم القيامة لا خلف فيه.