للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[التفسير]

١ - (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ):

أي: هلكت وخسرت يدا أبي لهب، والمراد كله وجملته، وعبّر عن ذلك باليدين لأَن أكثر الأَفعال تزاول بهما، وهذه الجملة دعاء عليه.

وقوله تعالى: (وَتَبَّ) أي: قد أَجاب الله ذلك الدعاءَ وحققه بالفعل، وقد هلك وخسر، وهذا كقولهم: أَهلكه الله وقد هلك.

(وأبو لَهَب): هو عبد العزى بن عبد المطلب عم رسول الله وكان شديد العداوة له وللإسلام، أخرج الإمام أحمد والشيخان والترمذي عن ابن عباس: لما نزلت "وأنذر عشيرتك الأقربين" صعد النبي على الصفا، فجعل ينادي "يا بني فهر، يا بني عدي: لبطون قريش" حتى اجتمعوا، فجعل الرجل إذا لم يستطيع أَن يخرج أَرسل رسولًا لينظر ما هو، فجاء أبو لهب وقريش، فقال الرسول: "أَرأَيتكم لو أخبرتكم أَن خيلًا بالوادي تريد أن تُغِيرَ عليكم أَكنتم مُصَدقيَّ؟ قالوا: نعم؛ ما جربنا عليك إلَّا صدقًا، فقال: "إِني نذير لكم بين يدي عذاب شديد" فقال أبو لهب: تَبًّا لك سائر الأيام أَلهذا جمعتنا؟ فنزلت، ويروى أنه مع ذلك القول أخذ بيده حجرًا ليرمي به رسول الله .

ومن هذا يعلم وجه إيثار التباب على الهلاك ونحوه ممَّا تقدم؛ لإيغاله في عداوة رسول الله ، وإسناده إلى يديه، والتعبير بالماضي في الموضعين لتحقق الوقوع، قال الزمخشري: وذكر أبو لهب بكنيته -والأَصل في الكنية التكريم- قيل: لاشتهاره بها، وقد أُريد بها تشهيره بدعوة السوءِ وأن تبقى سمة له، وذكرهُ بكنية أَوفق بذلك، أَو لكراهة اسمه القبيح (عبد العزى)، أو لجعله كناية عن الجهنمي، كما يقال: أبو الخير، أبو الشر.

٢ - (مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ):

(ما) استفهام في معنى الإنكار، أو ناقية، والمعنى: لم ينفعه ماله وما كسب بماله من الأَرباح والمنافع والوجاهة والأَتباع، أو ما نفعه ماله الذي أَورثه عن أَبيه والذي كسبه بنفسه