أَي: يخشى المنافقون ويفزعون أَن ينزل الله على رسوله ﷺ في شأْنهم سورة تتلى عليهم وتخبرهم بما أَخفوه في قلوبهم، وبما كانوا يتحدثون به فيما بينهم، من سخرية واستهزاءٍ بالرسول، وبما أَنزل الله عليه من كتاب، واستخفاف بالمؤْمنين، وفي إِنزالها على الرسول وتلاوتها عليهم، إِعلام للناس تنكشف به أَستارهم، وتفتضح به أَحوالهم، فهم لذلك يخافون نزولها ولا ينفعهم حذرهم هذا بشئٍ.
أَي قل لهم أَيها الرسول: استهزئوا واسخروا من النبي والمؤْمنين ما شئتم، وبالغوا في حذركم وتخفيكم ما أَردتم إِن الله معلن ومظهر ما تخافون إِظهاره، وتخشون انكشافه، من مخازيكم التي تضمرونها في قلوبكم وتخفونها في صدوركم.
أَخرج ابن المنذر وابن أَبي حاتم عن قتادة قال: بينما رسول الله ﷺ في غزوته إِلى تبوك، إِذ نظر إِلى أُناس بين يديه من المنافقين يقولون: أَيرجو هذا الرجل أَن تفتح له قصور الشام وحصونها؟ هيهات هيهات، فأَطلع الله نبيه ﵇ على ذلك، فقال: احبسوا علىَّ الركبَ، فأَتاهم، فقال ﷺ: قلتم كذا وكذا، قالوا يا نبى الله: إِنما كنا نخوض ونلعب فنزلت.
وفي رواية: قالوا: يا نبى الله - لا - والله ما كنا في شيءٍ من أَمرك ولا من أَمر أَصحابك، ولكن كنا في شيءٍ مما يخوض فيه الركب ليُقَصِّر بعضنا على بعض السفر فكشف الله أَحوالهم في قوله تعالى: