أي: وأنه - تعالى - هو وحده أغنى من شاء من عباده وأعطاهم القَنية، وهي ما يبقى ويدوم من الأموال، كالرياض والحيوان والبناء والتحف، وإفراد ذلك بالذكر مع دخوله في قوله - تعالى -: ﴿أَغْنَى﴾ لأن القنية هي أشرف الأموال وأنفسها، وعن ابن زيد والأخفش: معناهما: أغنى وأفقر، ووُجِّه ذلك بأنَّهُما جعلا الهمزة للسلب والإزالة في أقنى، كما في أشكى، أي: أزال شكواه، وقيل غير ذلك.
٤٦ - ﴿وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى﴾:
الشعرى: كوكب قوي الإضاءة، ويطلع بعد الجوزاء في شدة الحر، وأُطلق عليها لفظ العبُور؛ لأنها عبرت الحجرة فلقيت سهيلا، كذا قيل، وهما شِعْريان، الشعرى العبور، والشعرى الغُمَيصاء، ويقال: إن الشعرى أكبر من الشمس، وإنما ترى أصغر منها لأنها بعيدة عنها بُعدًا كبيرًا في جو السماء، ولهذا جاء ذكرها في الآية، فكان ذلك من آيات إعجاز القرآن.
وقيل: إنما ذكرت لأن العرب كانوا يعبدون شِعرَى العبور، لأنها أكبر حجمًا من شِعرى الغميصاءِ، فقيل لهم: إنه - تعالى - هو رب الشعرى ومالكها، فهو أحق بالعبادة منها.
قال السُّدِّى: عبدتها حمير وخزاعة، وقال غيره: أول من عبدها أبو كبشة، رجل من خزاعة، أو هو سيدهم، واسمه وَخْز بن غالب.