للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا﴾: دمت على عبادته ملازما ومقيما، وأصله ظللت، فخفف بحذف اللام الأولى. ﴿لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ﴾: أي لَنَنْذروَنَّه ونُطَيّرنه في البحر، والنسف نقض الشيءِ أَو تعريضه للريح ليبعثره أَو ينقضه مما يشوبه، والمراد منه هنا التَّذْرية والذَّرو وهو المعنى الثاني للنسف، والمِنْسف ما ينسف به الطعام.

﴿وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾: أَحاط علمه بكل شئٍ.

[التفسير]

٩٧ - ﴿قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ ..... ﴾ الآية.

أي قال موسى للسامرى بعد اعترافه بصناعة العجل وحمله قومه على عبادته - قال له: اذهب عنا منفيا من بيننا، بحيث لا يمسك أَحد ولا تمس أَحدا، حتى تلجئك هذه المقاطعة إِلى أَن يختل عقلك فتقول: لا مساس، ترديدا لما يقوله الناس بعضهم لبعض في النهي عن ملامسته، تأْكيدا لفصله عن المجتمع الذي أَضله، وتنفيذا لما أَوصاهم به موسى من مقاطعته وترك معاملته والاتصال به، وهذا هو الذي نراه مناسبا في تفسير الآية.

ومن المفسرين من قال: إِن الله عاقبه بمرض جلدى، وكان يصاب بالحمى إِن مسه الناس، فكان يسترحمهم قائلا: لا مساس، فابتعد عنه الناس لا يؤاكلونه ولا يعاملونه لذلك. وأنكر الجبائي هذا الرأْى، وقال: إِنه خاف وهرب إِلى البرية، وجعل يهيم فيها فلا يجد أَحدا من الناس يمسه، حتى صار لبعده عن الناس كالقائل: لا مساس. اهـ

وبما أَننا لا نجد دليلا على هروبه إِلى البرية ولا على إِصابته بمرض جلدى، فلهذا نرى أن ما ذكرناه أَولا في تفسير الآية هو المناسب للنص الكريم.

وتعتبر هذه الآية من الأصول التي يعمل بها مع الذين يحدثون حدثا كبيرًا في الدين، وقد فعل النبي مثل ذلك في الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك، حيث أَوجب على المسلمين مقاطعتهم حتى عفا الله عنهم.

﴿وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ﴾: وإِن لك يا سامري وعدا بالعقاب في الآخرة لن يحدث فيه خلف، فإِنه تعالى لا يغفر أَن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاءُ.