كما أوجب الله الخروج للجهاد ووعد بالثواب الجزيل عليه في الآيات السابقة عقبها بهذه الآية ليحض المؤمنين فيها على التفقه في الدين فإِنه أَساس الجهاد، لأَن به الدفاع عن الدين بالحجة وهو الأَساس الأَول للبعثة المحمدية، وباجتماع شعبتى الجهاد للمؤمنين جهاد السيف وجهاد العلم، يتم لهم النصرة والعزة بين العالمين.
والمعنى: وما صح ولا استقام أَن يخرج المؤمنون جميعًا للجهاد ونحوه من المقاصد الشريفة كطلب العلم، ويتركوا عيالهم دون عائل أَو راع، فإِن ذلك مضيعة لأُسرهم، فَهَلاَّ خرج من كل بلدة أَو قبيلة أَو جماعة كثيرة، طائفة قليلة ليتعلموا الدين ويتفهموه ويعرفوا براهين عقائده، وأُصول أَحكامه وفروعها، وليخوفوا قومهم من عصيان الله عند رجوعهم إِليهم، ويرشدوهم إِلى مناهج الهدى ومسالك العزة لكي يحذروا ما يضرهم في دنياهم وأخراهم ويقبلوا على ما ينفعهم ويعلى قدرهم، ويستتبع العزة والكرامة لهم.
وبعض المفسرين اتجه بمعنى الآية وجهة أُخرى حيث جعل حكمها فيما إِذا لم يخرج النبي ﷺ للجهاد وبعث بالمجاهدين في بعض المغازى والمعنى على هذا وما كان المؤمنون ليخرجوا جميعًا للقتال، والنبى ﷺ مقيم لم يخرج فيتركوه وحده، فلولا خرج من كل فرقة منهم طائفة في السرية التي لا تحتاج إِليهم جميعًا، ليتفقه الباقون منهم مع النبي ﷺ في الدين إِذا عاد