بل أَأَمِنْتم أن يعيدكم إلى ركوب البحر مرة ثانية فيرسل عليكم ريحا عاصفا محطما مدمرا يطويكم في جوف الأمواج فتغرقون بسبب كفركم، وبالجملة ينبغي أَن يعلم كل امريء أَنه في قبضة إِله قوى جبار فعال لما يريد، فعليه أَن يطيعه ويخشاه، سواءٌ أكان في بحر أَم في بر، ولا ينبغي له أَن يأمن مكر الله تعالى: ﴿أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ (٩٧) أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (٩٨) أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ﴾ (١).
﴿ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا﴾: ثم لا تجدوا لكم حينئذ نصيرا أو منقذا يتابعكم ليدفع عنكم الأخطار، أو متابعا لنا مطالبا الثأر لكم منا.
يخبر الله سبحانه بهذه الآية عن تكريمه بني آدم، وتفضيله إياهم حيث خلقهم جميعا، برهم وفاجرهم، على أَحسن الصور التي تتمثل في اعتدال القامة وتناسق الخلق وجماله ونعمة العقل والإدراك، وفي طعامهم وشرابهم، وَكُلُّ شأن من شئون حياتهم يتميزون به عن غيرهم من جميع مخلوقاته، وإتماما لتكريمه سبحانه إياهم وهبهم قدرة تمكنهم