للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أن تلاوة الآيات وحفظها بألفاظها كما نزلت، والتعرف على بلاغتها، وروعة أساليبها ووجوه إعجازها - كل هذا - داعٍ إلى تفهم معانيها وتعقل مراميها.

فإذا جمع الإنسان بين التلاوة والفهم، كان أحرى وأجدر بتقبل الحكمة النبوية التي ظهرت في حياة الرسول العظيم قولًا وعملًا.

فإذا ما ارتقى إلى هذه الدرجة، زاد خيره وعم نفعه وطهر قلبه، وخلص لمولاه، ونظفت جوارحه مما يُغضب الله.

على أن الآية قد استوفت منابع الدين أُصولًا وفروعًا.

فكل رأي لا يستند إلى الكتاب أو السنة - أو إلى أصل مستمد منهما على وجه معقول - فهو ردٌّ على صاحبه.

﴿وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (١٣٠)

[المفردات]

﴿وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ﴾: من اسم استفهام إنكاري بمعنى النفي، ويرغب: يتعدى للمكروه بعن كما هنا، فإنهم يكرهون ملته، أي لا أحد ينصرف عنها لكراهته إياها، ويتعدى للمحبوب بفي، يُقال رغب في كذا: أي أحبه: والملة في الأصل: الطريقة، وغلب إطلاقها على الدين.

﴿سَفِهَ نَفْسَهُ﴾: امتهنها واستخف بها مثل سفَّه - بفتح الفاء المشددة - وأصل السفه الخفة، فمن رغب عما يرغب فيه - وهو ملة إبراهيم - فقد بالغ في امتهان نفسه وإهانتها، والاستخفاف بها. وقيل: إن سفه مضمن معنى الجهل، أي فقد جهل نفسه أي: لم يفكر فيما ينفعها.

﴿اصْطَفَيْنَاهُ﴾: اخترناه للرسالة من بين سائر الخلق.

[التفسير]

١٣٠ - ﴿وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (١٣٠)

لا أحد يزهد في دين إبراهيم إلا شخص امتهن نفسه واحتقرها، لأنه دين التوحيد الخالص