للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[التفسير]

٥١ - ﴿إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾:

تحكى هذه الآية الكريمة حال المؤمنين الصادقين إِذا دعوا إلى التحاكم عند رسول الله إثر حكاية حال المنافقين، ليتبين الفرق بين الخبيث والطيب.

ومعنى الآية: ما كان قول المؤمنين الصادقين إِذا دعاهم أحد إلى شرع الله ورسوله ليحكم به الرسول بينهم - ما كان قولهم حينئذ - إِلا أن يقولوا لداعيهم: سمعنا قولك، وأطعنا أَمرك بالنزول على حكم الله ورسوله، وأولئك المؤمنون الصادقون هم الفائزون برضوان الله وجزيل ثوابه، دون من عداهم من المنافقين الذين يتحاكمون إِلى غيره؛ فرارا من عدل الله ورسوله.

قال قتادة - تعليقًا على هذه الآية -: ذُكِرَ لنا أن عبادة بن الصامت - وكان عَقبِيًّا (١)، بَدرِيًّا (٢)، أَحد نقباء الأنصار - أنه لما حضره الموت قال لابن أَخيه جنادة بن أبي أمية: ألا أنبئك بماذا عليك وماذا لك؟ قال: بلى، قال: فإن عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك، ومَنْشطِك ومَكْرَهِك (٣)، وأَثرَة عليك (٤)، وعليك أن تقيم لسانك بالعدل، وأَلا تنازع الأمر أهله، إِلا أَن يأمروك بمعصية الله بَوَاحًا (٥)، فما أمرت به من شيءٍ يخالف كتاب الله فاتبع كتاب الله.

وقال قتادة أيضًا، وذكر لنا أَن أَبا الدرداء قال: لا إسلام إِلا بطاعة الله، ولا خير إلا في جماعة، والنصيحة لله ولرسوله، وللخليفة وللمؤمنين عامة.


(١) أي: كان ممن بايع النبي في العقبة بمنى، وقد شهد العقبتين - الأولى والثانية -.
(٢) أي: كان من المقاتلين في غزوة بدر.
(٣) المنشط: ما تنشط إليه نفسك وتشرئب لعمله، والمكره: ضده.
(٤) الأثرة: حبك الشيء لنفسك، والإيثار: ضده، والمراد من السمع والطاعة في الأثرة عليه ألا يمانع في فضيل غيره عليه.
(٥) ظاهرا مكشوفا.