﴿ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا﴾: أي ثم جعلَكَ سَوِيًّا معتدلًا.
﴿لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي﴾: أصله لكن أنا هو الله ربي، فحذفت همزة أنا، وأدغمت نون ﴿لَكِنَّ﴾ في نون ﴿أَنَا﴾ بعد حذف همزتها - قاله الكسائي والفراءُ وغيرهما.
﴿وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ﴾: أي ينزل الله عليها عذابًا مقدرًا محسوبًا - ينزله - من السماء، كالثلج والبرد ونحوهما. ﴿صَعِيدًا زَلَقًا﴾: أي أرضًا لا نبات فيها ولا تثبت عليها قدم، لما فيها من الوحل أو من الرمال التي تزل فيها الأقدام ﴿مَاؤُهَا غَوْرًا﴾: أَي غائرا فيها وذاهبا في طبقاتها البعيدة. ﴿فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا﴾: أي لا تقدر أن ترد الماء الغائر بأية حيلة من الحيل.
استئناف كما سبق في قوله سبحانه: ﴿قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ … ﴾ كان سائلًا سأل عما راجعه به صاحبه المؤْمن واعظًا له، وزاجرًا إياه عما هو فيه من الكفر بالله عُجْبًا وغرورًا فأجيب السائل بالآية.
والمعنى: أن صاحبه المؤمن - حال محاورته له توجه إليه منكرًا عليه ما وقع فيه من جحود وكفر، فقال له: ﴿أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ﴾: أي كيف تكفر بالذي خلقك من تراب في ضمن خلق أصلك آدم ﵇، لما أن خلق كل فرد من أَفراد البشر له حظ من خلق أَصله، فيكون ذلك الكافر مخلوقًا من تراب لأنه مادة أَصله الذي تناسل منه، وقيل ﴿خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ﴾ لأنه أصل مادتك التي نشأت منها إذ أنها ناشئة عن أَغذية نبتت من التراب ﴿ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ﴾: وهي مادة خلقك القريبة بعد خلق أصلك. وقد بدأَ سبحانه خلق الإنسان من طين ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين.
﴿ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا﴾: أي جعلك رجلًا في أَحسن تقويم حيث أنشأك. معتدل القامة سوِيَّ الخَلْق. منذ طفولتك حتى أَصبحت رجلًا، تلى أَمورك وتصرف شئونك.