للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

روى مسلم في ذلك عن أبي مسعود قال: قال رسول الله : "حُوسِبَ رجلٌ مِمَّن كانَ قَبلكم، فلم يُوجَدْ لهُ مِن الخَيرِ شَيءٌ، إلا أنه كانَ يُخَالِطُ الناسَ وكان موسرًا، فكان يأمر غلمانَهُ أن يَتَجاوزُوا عَنِ المعسِرِ، قال: قال اللهُ ﷿: "نَحن أَحَقُّ بذلك منهُ .. تَجَاوزُوا عنْهُ".

وروى مسلم عن أبي قتادة "أنه طلب غريمًا له، فتوارى عنه، ثم وجده فقال: إني معسر. فقال: الله (١). قال: الله، قال: فإني سمعت رسولَ الله يقول: "من سرَّه أن ينجيَهُ اللهُ من كرْبِ يومِ القيامةِ، فَلْيُنَفِّسْ عن مُعْسِرٍ، أَو يَضَع عنْهُ".

وجاءَ في حديث أبي اليسر -كعب بن عُمْرو- عن مسلم "أنه محا عن غريمه الصحيفة، وقال له: إن وجدتَ قضاءً فاقْضِ، وإلَّا فأَنتَ فِي حِلّ" (٢).

[التفسير]

٢٨١ - ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾:

خاطب الله في هذه الآية جميع المكلفين -وفيهم المرابون السابقون- بأن يتقوا يوم القيامة: الذي يرجعون فيه بالبعث إلى حكم الله وجزائه، ثم تعطَى فيه كل نفس جزاءَ ما كسبته - وافيًا كاملًا - وهم لا يظلمون بنقص ثواب، أو زيادة عقاب على ما اكتسبوه. واتقاءُ هذا اليوم، هو اتخاذ الوقاية من عذابه بفعل الواجبات، وترك المنهيات.

وفي الآية، رد على الجبرية الذين ينكرون كسب العبد. ويعتقدون أنه مجبور على ما يفعل من خير أو شر، وأنه كالريشة في مهب الريح، فقد أثبتت للعبد كسبًا، وأنه مجزيٌّ خيرًا كان أو شرًا.


(١) مجرور بحرف قسم مقدار، أي والله.
(٢) راجع صحيح مسلم ص ٢ ص ٣٩٤ طبعة بولاق.