للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي﴾: أي واجعل من أبنائي أئمة.

﴿لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾: العهد هنا: الإمامة والنبوة. وينال: بمعنى يدرك، أو يصيب. وعهدي: فاعل، والظالمين: مفعول.

[التفسير]

لما ذكر فيما تقدم اشتراك أهل الكتاب، وعبدة الأصنام في جعلهم ولدًا لله، وفَنَّدَ هذه الدعوى الكاذبة، ودعا بني إسرائيل إلى أن يتقوا يومًا لا تجزي نفس عن نفس شيئًا، أتبع ذلك ذكر ما كان عليه إبراهيم من عقائد مخالفة لما قالوا، موافقة لما دعاهم إليه رسوله محمد .

والغرض من ذكر ذلك توبيخهم على ما هم عليه مما يخالف ما كان عليه إبراهيم، مع ادعائهم الانتساب إليه، وسيرهم على ملته.

١٢٤ - ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ … ﴾ الآية.

الابتلاء: الامتحان. وهو عند الخلق لاستجلاء ما خفي علمه لديهم. والمراد به - في حق الخالق - تكليفُ العبد ببعض التكاليف. وأُطلق عليه الابتلاء - مع أنه تعالى لا يخفى عليه -شيء - لما فيه من إظهار أعمال العبد التي كانت خفية قبل أن يفعلها، كما يحدث في الامتحان. والكلمات هي: الواجبات التي كلفه الله بها، ولما كان التكليف بها يكون بكلمات، أُطلقت عليها مجازًا.

قال ابن العربي: تسمية الشيء بمقدمته أحد قِسْميِ المجاز.

والمراد بها التكاليف: ما كلفه الله به من شرعه. ومنها ما سيأتي مما حكاه الله في شأنه، وقد أبرزه من بين تكاليفه، لاتصاله بموضوع المحاجة مع أهل الكتاب والمشركين وجماعها الإسلام.

والمراد من قوله ﴿فَأَتَمَّهُنَّ﴾ أنه وَفَّى بتلك التكاليف جميعًا.

روى عن ابن عباس أنه قال: ما ابتلى الله أحدًا بهن فقام بها كلها، إلا إبراهيم: ابتلى بالإسلام فأَتمه، فكتب الله له البراءة، فقال: ﴿وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (١)﴾.


(١) النجم: ٣٧.