للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[التفسير]

٣٦ - ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾:

أي لا تتبع ما لا تعلمه، فلا تقل بغير علم ولا تتهم بغير بينة، ولا تقل سمعت وأنت لم تسمع، ولا تشهد بالزور، ولا تتبع الظن والحدس في حق الناس، فإنك بذلك تكون قد قلت ما لا تعلم، واتبعت ما ليس لك به علم وأخطأت بذلك في حق الله وحق عباده وحق نفسك.

وهناك أمور يعمل فيها بالظن، كالحكم على شخص معين بالإيمان تبعًا للظاهر، وكالإفتاء بالأحكام الشرعية عن الأدلة الظنية، وكالعلاج بالعقاقير التي يظن فيها الشفاء.

﴿إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾: أي أَن كل واحد من أَعضاء السمع والبصر والقلب كان صاحبه مسئولا عنه، فلا يحل له استعمالها في غير ما أحل الله تعالى، فلا تتسع إلى غيرك محاولا كشف عوراته، ولا تلق بأذنك إلى ما لا يحل من فحش القول، أَو إلى ما يلهيك عن عبادة ربك، وكن من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أَما البصر فاغضضه عما لا يحل لك ولا تمده إلى ما متع الله بغيرك تحسده عليه، بك عليك أن تنظر بذلك البصر ما يقربك من ربك، وما يوصلك إلى رزقك، أَما قلبك فاحفظه من شيطان موسوس أَو حسد قاتل مدمر أو عُجْب أو نفاق أَو رياء، فإن هذه الصفات وما يشبهها من الموبقات المهلكات، واطرد حظ الشيطان من نفسك حتى لا يكون له عليك سلطان، فيصبح قلبك سليما، وتلقى ربك راضيا مرضيا فتدخل رحمته وتفوز برضوانه.

٣٧ - ﴿وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا﴾:

أي لا تسر في الأرض مختالا مسرفا في فرحك ومرحك، بل تواضع لله الذي خلقك ورزقك، وهو قاهر لك قادر عليك، فإن غلبك البطر والغرور لجاهك، فاعلم أن الجاه نعمة من الله يمنحها ويسلبها، وإن طغيت على غيرك لعافية وصحة بدن فتذكر أنها وديعة الله عندك يستردها متى شاء، وإن دعتك نفسك الأمارة بالسوء إلى التكبر على عباده بمالك فاعلم أن الله يغار عليهم فهو ربهم وخالقهم، وإن زهوت بالبنين فتذكر أنك ستقدم على ربك بعملك فحسب ﴿يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (٨٨) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾.