للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[التفسير]

١٩ - (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ … ) الآية.

بعد أَن قص الله ما لقى رسله في سبيل الدعوة إِليه من العناد والإيذاءِ، والتكذيب والاستهزاءِ -توعد المكذبين لهم بأَنه قادر على أَن يهلكهم ويستبدل بهم خيرا منهم فقال: "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ".

الظاهر أَن الخطاب في الآية، الكريمة لكل أَحد من الكفرة، لقوله: "يُذْهِبْكُمْ". وهذا أَنسب بالوعيد والتهديد. والاستفهام هنا للتقرير، ولذا يسعمل في الأَمر الواضح الذي يكفى فيه مجرد تنبيه المخاطب، ليعترف ويشهد به.

والمعنى: أَلم تعلم أَن الله جلت قدرته خلق السماوات والأَرض بالحكمة المنزهة عن العبث، وبالوجه الصحيح الذي يُخلَق أَن يُخلَق عليه، ليُستدل بخلقهما -بهذا النظام الدقيق والنمط البديع-، على قدرته ووحدانيته وسائر كمالاته.

(إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ):

أَي إِن يرد الله إِهلاككُم أَيها المكذبون، يُفْنِكُم حتى لا يبقى منكم أَحد، ويأْت بخلق جديد يكون أَطوع الله منكم، وأَسبق إِلى الحق، وأَسرع إِلى الهدى أَرشد سبحانه بخلق السماوات والأَرض -وَهما أَكبر من خلق الناس- إِلى طريق الإِستدلال. على وحدانيته وقدرته على إِهلاكهم وخلق سواهم، فإِن من قدر على خلق هاتيك الأَجرام العظيمة التي لا يحيط بعظمتها إِلاَّ مبدعها، فهو على تبديلهم بخلق آخر أَقدر، ولهذا قال:

٢٠ - (وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ):

أَي وما إِذهابكم والإِتيان بخلق جديد مكانكم، بممتنع على الله تعالى ولا متعسر، فإِنه قادر بذاته على جميع الممكنات، لا اختصاص له بمقدور دون مقدور، ومَن هذا شأْنه فهو حقيق بأَن يُعْبَدَ وحده، ويُرجى ثوابه، ويُخاف عقابه. والضمير في قوله تعالى: