يا أَيها الناس إِن الله - سبحانه - يبصركم بحقائق الأُمور عن طريق ضرب الأَمثلة الحسية الواقعية فَأَصْغُوا إِليها واستمعوا لها.
﴿إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ﴾: إِن الذين تعبدونهم من دون الله عاجزون عن خلق الذباب، وهو حشرة ضعيفة مهينة، فكيف تعبدونهم دون من خلق الأَرض والسماوات ومن فيهن وتكفل برزقهم وتدبير أُمورهم؟ وهذه الآلهة المدعاة لا تستطيع خلق الذباب ولا عضوا واحدا من أَعضاءِ الذباب، ولو تساندوا جميعا وتعاونوا وحشدوا كل طاقاتهم. ووصل أَمرها من الضعف إِلى ما صوره الله بقوله:
﴿وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ﴾: أَي؛ وهذا الذباب إِن يأْخذ من هذه الأَوثان شيئا من نحو الطعام الذي يوضع أَمامها قربانا لا تستطيع استرداده منه، وقد ختم الله الآية بما يفيد سوءَ حال الأَصنام وعابديها فقال:
﴿ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ﴾: أَي؛ ضعف الإله والذباب، أَو الذباب والآلِهَة، فكيف استساغت عقولهم أَن يعبدوا تلك الأَوثان، ويقدسوها، ويسندوا إِليها النصر والرزق والمطر والصحة والمرض، وهي بهذا الضعف الذي صوره الله بما يقتضي الرثاءَ لعابديها؟