ويمكر مشركو مكة برسول الله ﷺ، بتبييت نية قتله بأَيدى شبان من جميع القبائل، ليتفرق دمه بينها، فلا يقدر بنو عبد مناف على قتال جميع العرب، ويرضون بديته، ولكن الله محبط مكرهم، بتيسير خروجه من بين أولئك الشبان الذين اجتمعوا أَمام بابه ليقتلوه عند خروجه.
وذلك أَنه ﷺ خرج عليهم ليلا وهم أَيقاظ وبأَيديهم سيوفهم، وكان يقرأ قوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ﴾ فعموا عنه ولم يبصروه، وسار حتى التقى برفيق هجرته - أَبي بكر ﵁ وسارا حتى بلغا الغار الذي أَويا إِليه حتى ينقطع الطلب، ثم استأنف رحلته مع أَبي بكر على ظهر ناقتين وافاهما بهما عبد الله بن أريقط - وكان هاديا ماهرا أَمينا وكان على دين قومه - حتى وصلا إلى المدينة بسلامة الله تعالى، وبذلك أحبط اللهُ مكرَ قريشٍ، والله خير من يحبط المكر ويجزى أَهله (١).