هُنا كلام مطوى دل عليه السياق ومعناه، أَنَّ إِخوة يوسف بَلَّغوا أباهم وسائر أَهلهم أَن يأْتوا إليه جميعا ليقيموا معه استجابة لطلبه، وأَخبروهم بمكانة يوسف ومنزلته في مصر، وأَنه الحاكم المفوض فيها من قبل الملك. لذلك ارتحلوا من بلاد كنعان قاصدين إلى مصر حتى بلغوا مقَرَّ الملك.
(آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ) أَباه وأَمه، وكانت على قيد الحياة كما هو ظاهر القرآن الكريم -وقيل إِنها ماتت وهذه أُختها. وكان أَبوه قد تزوجها بعد وفاة أُمه. والخالة بمنزلة الأُم، كما أَن العم بمنزلة الأَب، ولكننا نرجح الظاهر من النص، لأَنه لم يثبت لدينا ما يخالفه، والمراد من إِيوائِهما إِليه أَنه جمعهما معه في قصره الخاص به، تكرمةً لهما ومبالغةً في البرِّ بهما، وقال لهما ولسائر أهله:
(ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ) أَمنًا عامَّا شاملا، على أَنفسكم ومواشيكم من الجوع والخوف وسائر المكَاره. ولعل سنى القحط لم تكن انتهت بعدُ. ولا غرابة في هذه السماحة والكرم من يوسف ﵇، فهو كريم من سلالة رسل كرام (١).
(١) روى البخاري عن عبد الله بن عمرو ﵄ عن النبي ﷺ. قال: "الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم".