بين الله في الآية السابقة سوء مصير الكافرين، وبين في هذه الآية والتي تليها حسن مصير المؤمِنين، وبضدها تتميز الأشياءُ.
والمعنى: إن الذين صدقوا بما أنزل الله عليك من الحق، وعملوا بعد إيمانهم الأعمال الصالحات التي دعوتهم إِليها حسبما أوحى إليك ربك، إنا لا نضيع أجر من أحسن منهم عملا من تلك الأعمال بل نحسن جزاءه عليه، فكيف بالذى تَرَقَّى في عمل الصالحات، وشغل نفسه بالطاعات والخيرات، إن أجره لا شك عظيم، كما يصوره قوله سبحانه:
والمعنى: أولئك المؤْمنون المواظبون على عمل الصالحات، لهم ثوابًا على إيمانهم وصلاحهم جناتُ إقامةٍ واستقرار، لا يبرحونها بأنفسهم ولا يخرجهم منها غيرهم، فهم فيها خالدون تجري من تحت غرفهم وقصورهم الأنهار وهم فيها آمنون ناعمون، يحلون فيها بأذرعتهم من أساور من ذهب لتزداد رفاهتهم ومتاعهم ونعيمهم، وليس الأساور في الآخرة للرجال لا عيب فيه؛ لأنه بين قوم يعتادونه، بخلافه في الدنيا فإنه بين قوم لا يعتادونه، فلهذا يعيبونه، فالشيءُ يكون مستحسنًا في حال، ومستهجنًا في حال آخر.
ويلبس أهل الجنة ثيابًا خضرًا من رقيق الديباج وغليظه، فوق تحليتهم بأساور من ذهب، زيادة في بهائهم ومتعتهم، فإن الخضرة تمنح البهاء وتسر النفس أكثر من غيرها من الألوان، ولهذا قال القائل: ثلاثة يذهبن الحزن. الماءُ والخضرة والوجه الحسن.