﴿فَأَدْلَى دَلْوَهُ﴾: أي أَرسلها إِلى الجب ليملأها، وأما دلاها فمعناهُ جذبها ليخرجها. ذكره القاموس، وحكاه القرطبي عن الأصمعى وغيره.
﴿وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً﴾: وأخفوه متاعًا للتجارة، وسمى مال التجارة بضاعة، لأنه بضعة من المال العام - أي قطعة منه.
﴿وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ﴾: أي باعوه بثمن مبخوس - أي منقوص من بخسه إِذا نقصه.
﴿دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ﴾: أي دراهم قليلة. ومن هذا المعنى قوله تعالى في شأن، قلة أَيام الصيام ﴿أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ﴾. ﴿وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ﴾: أَي من الذين لا يرغبون فيما بأَيديهم.
أي وبعد إلقاء يوسف في البئر وعودة إخوته إلى أَبيهم جاءَت جماعة من المسافرين إلى مصر، ونزلوا قريبًا من هذه البئر التي القى فيها يوسف. فأَرسلوا الذي يرد الماءَ لهم عادة، ليستقي لهم من هذه البئر، فأرسل دلوه وأَنزلها في البئر ليملأها ماءً.
وأمسك بحبلها ليجذبها به، فتعلق يوسف بالحبل، فثقلت الدلو على الوارد، فأعانه على جذبها مساعدوه من الرفقة الذين جاءُوا معه ليستقوا لقومهم.
﴿قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلَامٌ﴾:
قال هذا الوارد الذي يستقي للجماعة السيارة مستبشرا فرحا، يا بشرى هذا غلام كأنه نادى البشرى، وقال لها أقبلي فهذا أَوانك، حيث فاز بنعمة خرجت له فجأَة من حيث لا يحتسب.
وظاهر الآية أنه قال: ﴿يَا بُشْرَى هَذَا غُلَامٌ﴾ قبل أن يخرج يوسف من البئر وبعد إدلاء الدلو، ولعلها لما ثقلث عليه حين انتزاعه إياها، خاطبه يوسف مستنجدا به لينقذه بإِخراجه من غيابة الجب، ويشبه أَن يكون هذا هو المتبادر، وإن كان يجوز أن يكون هذا القول بعد إخراجه إِياه واطلاعه على حسنه والله تعالى أَعلم.