أَجمل الله قصة خلق الإِنسان في قوله سابقًا:(وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ). وقصة خلق الشيطان في قوله:"وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ". تمهيدًا للحديث المفصل الذي تحكى فيه هذه الآية وما بعدها من الآيات ما جرى بين الله وبين ملائكته في شأْن خلق آدم وأَمرهم بالسجود له، وخضوعهم لأَمره سبحانه، وعصيان إِبليس تكبرًا وغرورًا، ووسوسته لآدم حتى أَخرجه من الجنة، ووعيده بإِغواء ذريته إِلا عباد الله المخلصين إِلى آخر ما سيأتي بيانه في الآيات الواردة في هذا الشأْن. والغرض من سوق هذه القصة تحذير عباد الله من وسوسة الشيطان الذي أَغوى أَباهم آدم، وهو لإِغوائهم وإِضلالهم بالمرصاد، حتى يحذروه ولا يغتروا بوسوسته، فالخطاب في الآية وإِن كان للنبي ﷺ، فالمقصود منه بيان القصة لأُمته عن طريقه، لأَنه إِمامهم ﷺ
والمعنى: واذكر أَيها الرسول لأُمتك وقت أَن قال ربك للملائكة -إِنى خالق في الأَرض إِنسانًا من صلصال من حمإٍ مسنون ليكون فيها خليفة عني في عمارتها وتنفيذ شريعتى فيها، أَو خليفة عمن سبقه في سكناها بعد ما هلكوا، وفي هذا المعنى يقول الله تعالى في سورة البقرة:
"وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً (١) "، وسمى الإِنسان بشرا لظهور بشرته، وهى ظاهر الجلد، حيث لا يوجد عليها صوف ولا وبر ونحوهما بخلاف سائر الحيوانات.
وبعد أَنْ ذكرنا في تفسير الآية السابقة: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ﴾ أَن المراد من الصلصال الطين الجاف الذي يصلصل ويصوت إِذا نُقر،