ذكر الله ﷾ في الآيات السابقة أنه جاءَ رجل من أَقصى المدينة (مدينة أَنطاكية على ما ذكره كثير من المفسرين) - جاء - يسعى ليحث قومه على اتباع المرسلين الذين لا يطلبون أَجرا على إرشادهم ونصحهم وهم مهتدون، فلما نصحهم، وثَبوا عليه وثبة رجل واحد فقتلوه فقيل له - من عند الله جزاءً على إيمانه، وحسن دعوته إِلى الله -: ادخل الجنة فدخلها، فلما شاهد ما شاهد من إكرام الله له قال: ﴿يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ﴾ ليؤْمنوا كما آمنت، وهكذا: نصح هذا الرجل المؤمن قومه في حياته بقوله: ﴿اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ﴾ وتمنى أَن يعرفوا حُسْنَ جزائه بعد مماته ليؤْمنوا وذلك بقوله: ﴿يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ﴾ فما أعظم هذا الرجل، فقد كان حريصا على هداية قومه حيا وميتا.