له وحرصهما عليه بالسخرية والاستهزاء، وذلك عندما يدعوانه إلى الإيمان بالله فيقول: ﴿أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ﴾ إلى أن يقول: ﴿ما هذا إلا أساطير الأولين﴾.
٦ - عرضت السورة لأولئك النفر من الجن الذين صرفهم الله ووجههم إلى رسول الله ﷺ لسماع القرآن الكريم فأنصتوا إليه عند سماعه، ثم ذهبوا إلى قومهم منذرين ومخوفين لهم من أن يخافوه؛ لأن القرآن مصدق لما جاء به موسى ﵇ ولأنه يهدي إلى الحق الثابت والصراط المستقيم، وآمرين لهم باتباع ما جاء فيه ليغفر الله لهم ذنوبهم وينجيهم من عذاب أليم، وذلك تنبيه وتوبيخ للمشركين، حيث آمن به الجن وكفر به المشركون وعاندوا.
٧ - جاء في هذه السورة أن الله الذي خلق السموات والأرض ولم يصبه إعياءٌ أو ضعف أو تعب هو - سبحانه - قادر على إحيائهم بعد موتهم، وحسابهم على ما اقترفوا من كفر ومعاصٍ في الدنيا، وهذا تهديد لهم. وكانت نهايتها أمرًا من الله لرسوله أن يصبر على تكذيب قومه وإيذائهم له كما صبر أصحاب العزائم العالية من الرسل ﵈ ونهاه - جل شأنه - أن يستعجل لم العذاب فإنه آتيهم لا محالة، و ﴿كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ﴾.
[سبب تسمية السورة بهذا الاسم]
أنه قد ذكر فيها كلمة الأحقاف، وهي اسم للمكان الذي كانت فيه مساكن عاد قوم هود، وقد دمرهم الله بالريح الصرصر العاتية جزاء كبرهم وطغيانهم، قال تعالى: ﴿وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ﴾.