وتعالى -: ﴿إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ﴾ ولم يقل: (منه) أي: من الأظلم (منتقمون) لأنه إذا جعله أظلم من كل ظالم، ثم توعد المجرمين جميعًا بالانتقام منهم، فقد دل بذلك على إصابة الأظلم بالنصيب الأوفر من الانتقام، ولو قال:(منه) لم تحصل هذه الفائدة.
وجوز أن يراد بالمجرمين الأظلم المذكور، وقد أقيم المظهر مقام المضمر الراجع إلى (مَن) باعتبار معناها، وكأنه قيل: إنا منهم منتقمون، واختير هذا التعبير ليؤذن الإتيان بالمظهر أن علة الانتقام ارتكاب هذا المُعْرض مثل هذا الجرم العظيم.
﴿فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ﴾ أي: فلا تكن في شك من لقائك الكتاب مثله، والمرية: اسم من امترى في أمره: شك.
﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً﴾ أي: قادة يقتدى بهم في دينهم.
﴿وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾ أي: يعلمون التوراة علمًا لا يداخله أي شكّ، واليقين: العلم الحاصل عن نظر واستدلال، ويَقِن الأمرُ من باب تَعِب: إذا ثبت ووضح، ويستعمل أيضًا متعديًا بنفسه وبالباء، فيقال: يقنته ويقنت به.