للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ﴾: أَي صيَّر ميله المذموم كأَنه إِلهه الذي يتبعه، والهوى: ميل النفس إلى الشيء، ثم استعمل في الميل المذموم، وهو مصدر هَوى، كفرِح.

﴿وَكِيلًا﴾: أَي حفيطا، يقال: وكلْت الأَمر إليه وكْلًا؛ ووُكولًا: فوضته إِليه، وفعله من باب وعد يَعِد.

[التفسير]

٤١ - ﴿وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا﴾:

روى أَن الآية نزلت في أَبي جهل ومن معه من زعماءِ مشركى قريش: أَي أن هؤلاء إذا رأَوك ما يتخذونك إلاَّ مهزوءًا بك (١) أَو موضع سخرية واستهزاء، بمعنى: أَنهم يقصرون فعلهم معه على ذلك، قائلين على سبيل التنقص، والازدراء: ﴿أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا﴾: أَي أَهذا الذي بعثه الله مرسلًا إلينا؟.

والتعبير باسم الإشارة بعد الاستفهام، يريدون به الاستخفاف بدعواه أَنه رسول بعثه الله إليهم؛ والتعجب منه، والآية في معنى قوله تعالى: ﴿وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ﴾ (٢).

٤٢ - ﴿إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا … ﴾ الآية.

أَي: قال هؤلاء المشركون: إنه قارب أَن يَثنيهم عن عبادة أَصنامهم ويبعدهم عنها، لا عن عبادتها فقط؛ لولا أَنهم تجلَّدوا، وحبسوا أَنفسهم على عبادتها، وهذا اعتراف منهم بأَنه قد بلغ غاية الاجتهاد في الدعوة إلى التوحيد، وإقامة الحجج البينات التي تنير سبيل الهدى والرشاد، حتى شارفوا أَن يتركوا دينهم إِلى دين الإِسلام؛ لولا فرط إِصرارهم، وغاية عنادهم، ولهذا لجئوا إِلى سلاح الاستهزاء، حتى يحولوا دون تأَثر نفوسهم على رغم منهم بدعوته.


(١) تنفرد (إذا) بوقوع جوابها المنفي بإن أو ما أو لا - تنفرد بوقوع جوابها هذا - غير مقترن بالفاء بخلاف غيرها من أدوات الشرط، نقله أبو حيان وغيره.
(٢) سورة الأنبياء، من الآية: ٣٦