للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[المفردات]

﴿تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً﴾: تذلُّلًا وسرًّا.

﴿الْمُعْتَدِينَ﴾ المتجاوزين الحدّ في كل شيءٍ.

[التفسير]

٥٥ - ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً … ﴾ الآية

لمَّا ذكر الله - سبحانه - دلائل عظمته فيما سبق، طلب هنا، من عباده أَن يدعوه في تذلُّلٍ مُسِرِّين، فإن ذلك هو اللائق بجلال الخالق.

والمعنى: ادعوا ربكم الذي عرَّفكم عظمته فيما سبق .. وليكن دعاؤكم إيَّاه في تذللٍ وإِسرار يليقان بالأَدب مع الله تعالى، فإن الصياح في الدعاء تجاوزٌ للأَدب، واعتداءٌ والله - تعالى - لا يحبُّ المعتدين.

أَخرج البخاري ومسلم عن أبي موسى قال: "كنا مع النبي في سفرٍ (١) فجعل الناسُ يجهرون بالتكبير (٢) فقال: أَيُّهَا النَّاسُ: ارْبعُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ … إنَّكُمْ لَسْتُمْ تَدْعُون أصَمَّ ولا غائبًا .. إِنَّكم تَدْعُون سَمِيعًا قريبًا. وهو مَعَكُم .. " الحديث.

والاعتداءُ في الدعاءِ أنواع:

منها ما كان بالجهر والصياح.

ومنها أَن يطلب منزلة نبى أَو يطلب المحال، أَو يُسْهِبَ في الدعاء، أَو يدعو بمعصية.

روى ابن مَاجَه: أَن عبد الله بن مُغفل ، سمع ابنه يقول: اللهم إني أسألك القصر الأَبيض عن يمين الجنة إِذا دخلتها. فقال له: أيْ بُنَى، سَلِ اللهَ الجنَّة، وعُذْ به من النَّار. فإنِّى سمعتُ رسولَ اللهِ يقول: "سَيَكونُ قومٌ يَعْتَدُونَ فِي الدُّعَاءِ".

واختُلِف في رفع اليدين في الدعاءِ.

فقال قوم بكراهته، ومنهم جبير بن مطعم، وابن المسيب وابن جُبَيْر ومجاهد.

واختاروا أن يشير بالسبابة إِيذانا بالإخلاص.

رأى شريح رجلا رافعا يديه بالدعاء. فقال مَن تَتَنَاوَلُ بهمَا؟ لَا أُمَّ لك ..


(١) وفي رواية أخرى (في غزاة).
(٢) وفي رواية "فجعل رجل كلما علا ثنية قال: لا إله إلا الله".