هذه السورة مدنية، وحكى أبو حيان الإِجماع على ذلك، وآياتها أَربع وستون، وجاءَت تالية لسورة (المؤمنون) لتشرح ما ينبغى أَن يكونوا عليه من الآَداب الإسلامية الفاضلة، ولأنه لما ذكر في سورة (المؤمنون) أَن حفظ الفروج من مميزاتهم وصفاتهم الأساسية، وأَنها من أسباب فلاحهم في الدارين، ناسب أن تكون السورة التي تليها متضمنة أَحكام من لم يحفظ فرجه من الزانية والزانى، وما يتصل بذلك من أَحكام القذف للأَعراض البريئة، ووجوب غضِّ البصر الذي هو داعية الزانى، ووجوب الاستئذان صيانة لكرامة البيوت وأعراض أَهلها، والأمر بالنكاح حفظا للفروج، والنهي عن إِكراه الفتيات على الزنى، إلى غير ذلك من الآداب، وبما أَن سورة النور تضمنتْها، فكانت لذلك جديرة بأَن تكون تالية لها.
[ما جاء في فضلها]
رُوِى عن مجاهد أَنه قال: قال رسول الله ﷺ: "علموا رجالكم سورة المائدة، وعلموا نساءَكم سورة النور" وعن حارثة بن مَضْرِب قال: (كتب إِلينا عمر ابن الخطاب ﵁ أَن تعلموا سورة النساءِ والأحزاب والنور).
[مقاصدها]
تضمنت هذه السورة وجوب جلد الزانية والزانى وأن لا تأْخذنا بهما رأْفة؛ حماية لأعراض المسلمين، وأن رمى المحصنات بالزنى يقتضي الجلد ثمانين جلدة، وأَن لا تقبل لمن يرميهن شهادة أبدا وأَن يظلوا متصفين بالفسق، ما لم يأْتوا على دعواهم بأَربعة شهداءَ عدول على واقعة الزنى التي ادعوها، كما تضمنت أَن الذي يرمى زوجته بالزنى، ولا يجد شهودًا أَربعة، يتخلص باللعان من حد قذفها، فإذا لاعن عُوقبت (١) زوجتُهُ على زناها، ويَدْرَأ عنها العقاب أن تلاعن بعد لعانه.