للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[التفسير]

٦، ٧ - ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (٦) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (٧)﴾:

كان المسلمون قبل نزول هذه الآية وما بعدها، يفهمون من عموم الآيات السابقة، أَن مَنْ يرى المحصنة - أَي: العفيفة - بالزني وإِن كانت زوجته، ولم يستطع الإتيان بأَربعة شهود، يعاقب بالجلد ثمانين جلدة ولا تقبل له شهادة أَبدًا، ويكون من الفاسقين، لأَن ظاهر أَمرها على الإحصان، أَي: العفة، فنزلت هذه الآية لتخصيص عمومها بغير الأَزواج، إِذْ بينت أَن للأَزواج مخرجًا من الحد عند فقد الشهود الأَربعة.

روى الإِمام البخاري في سبب نزول آيات اللعان بسنده عن سهل بن سعد أَخى بنى ساعدة أَن رجلًا من الأنصار جاء إلى رسول الله ، فقال: يا رسول الله أَرأيت رجلًا وجد مع امرأَته رجلًا أَيقتله أَم كيف يفعل؟ فأَنزل الله في شأنه مما ذكر في القرآن من أمر المتلاعنين، فقال النبي : "قد قضى الله فيك وفي امرأَتك" قال: فتلاعنا في المسجد وأَنا شاهد، فلما فرغا قال: كذبتُ عليها يا رسول الله إن أَمسكتها (١)، فطلقها ثلاثًا قبل أَن يأْمره رسول الله حين فرغا من التلاعن، ففارقها عند النبي فقال: ذاك تفريق بين كل متلاعنين، قال ابن جُرَيْج: قال ابن شهاب: فكانت السُّنَّة بعدهما أن يفرق بين المتلاعنين، وكانت حاملًا، وكان ابنها يُدْعى لأمِّه، قال: ثم جرت السنة في ميراثها أنها ترثه ويرث منها ما فرض الله له، قال ابن جُرَيْج عن ابن شهاب عن سهل بن سعد الساعدى في هذا الحديث: إن النبي قال: "إِن جاءَت به أَحمر قصيرًا كأَنه وَحَرَة (٢) فلا أراها إِلاَّ قد صدقت وكذب عليها، وإِن جاءَت به أَسود العينين ذا أَلْيَتَييْن فلا أراه إلاَّ قد صدق" فجاءَت به على المكروه من ذلك.


(١) يعنى أنه إن لم يطلقها يعتبره الناس كاذبا عليها، فلهذا طلقها.
(٢) الوحرة بفتح الحاء المهملة: القصير من الإبل