أَي كما أَرسلنا المرسلين قبلك يا محمد أَرسلناك في أَمة قد مضت من قبلها أُممُ أُولئك المرسلين -أَرسلناك في هذه الأُمة- لكي تقرأَ عليها القرآن الذي أَوحيناه إِليك -وحالهم أَنهم يكفرون بالرحمن لعلهم بعد سماع القرآن يثوبون إِلى رشدهم، فيؤْمنون بوحدانيته تعالى، ويدركون مبلغ نعمته ورحمته، ومن أَعظم مظاهرها إِرسالك يا محمد بالهدى ودين الحق إِليهم، قل لهم أَيها الرسول: الرحمن الذي كفرتم به وعبدتم سواه هو ربى وحده دون غيره، فإِنه لا يستحق الأُلوهية أَو العبادة إِلا هو، عليه اعتمدت في الأَمر كله، وإِليه مرجعى ومرجعكم، فكيف تكفرون به وهو محاسبكم ومجازيكم، والتعبير بقوله تعالى:"كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهَا أُمَمٌ"، إِيذان بأَنه ﷺ ليس بدعا من الرسل وليسوا بدعا من الأُمم- هذا: وقد جاءَ في سبب نزول الآية أَقوال. فمقاتل وابن جريج يقولان: نزلت في صلح الحديبية حين أَرادوا كتابة وثيقة، فقال ﷺ لعلىٍّ: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم. فقال سهيل بن عمرو والمشركون: ما نعرف الرحمن إِلا صاحب اليمامة يعنون مسيلمة الكذاب اكتب باسمك اللهم -وهكذا كان أَهل
(١) الإشارة في (كذلك) راجعة إِلى إِرسال الرسل قبله وإِن لم يجر لهم ذكر، لدلالة قوله: (قد خلت من قبلها أمم لتتلو عليهم) قاله الحسن، وقيل الإشارة راجعة إِلى إِرسال محمد مؤيدا بمعجزة القرآن، فكأنه قيل: مثل هذا الإِرسال العظيم المؤيد بالقرآن أَرسلناك يا محمد في أمة … الخ.