هذه الآيات دخول في بيان حكمة البعث، وإيضاح غايته تعميقا لإيمان المؤْمنين وتسفيها لإِنكار المنكرين.
والمعنى: وما خلقنا السموات والأَرض وما بينهما من عوالم - ما خلقناهما - لاهين بخلقهما لغير غرض، عابثين به في غير غاية - ما خلقناهما وما بينهما - إلا بالحق. ملتزمين بصدق الغاية وتحقيق الحِكمة، وهو أَن ينال كل إنسان جزاء عمله، الخير بالخير والشرّ بالشرّ ﴿وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا﴾، ولكن أَكثر الناس من الجهل وسفاهة العقل لا يعلمون أن الأمر كذلك فينكرون، مع أَنهم يعلمون أَن الله خالق كل ذلك وأَنه حكيم، وليس من الحكمة أَن لا يبعث الخلائق حتى يأْخذ للمحق حقه، ويعاقب المسئ.
ويجوز أن يكون الاستثناء من عموم الأَسباب، والمعنى: ما خلقنا السموات والأَرض وما بينهما بسبب من الأَسباب إلا بسبب الحق، وهو عبادة الله ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ ثم بعثهُم وحسابُهم وجزاؤُهم.